مجتمع
تعميم التغطية الصحية أمام تحدي توفير الموارد البشرية
17/04/2021 - 15:43
مراد كراخيذهب وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن تعميم التغطية الصحية بالمغرب يقتضي رفع مجموعة من التحديات تهم، على الخصوص، مواجهة ضعف معدل التأطير الطبي والعجز الكبير في الموارد البشرية وعدم تكافؤ توزيعها الجغرافي، من خلال اتخاذ إجراءات مواكبة تهم أساسا تكثيف برامج التكوين، والتدريب، والتوظيف للمهارات الطبية والمهنيين الصحيين، لمواجهة الطلب الذي سيتزايد بوتيرة مرتفعة مع تنزيل هذا الورش المجتمعي الكبير.
الموارد البشرية.. بين القلة وضعف التأطير
أشار بنشعبون، بمناسبة حفل إطلاق عملية تنزيل مشروع ورش الحماية الاجتماعية، الذي ترأسه جلالة الملك محمد السادس، يوم الأربعاء الرابع عشر من أبريل بالقصر الملكي بفاس، إلى ضرورة تعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية، ومواجهة النقص في الأطر الصحية التي يقتضيها نجاح هذا الإصلاح.
ويفترض في تعميم التغطية الصحية، استفادة جميع المواطنين من الولوج استفادة المواطنين من نفس سلة العلاجات والخدمات في القطاعين العام والخاص، ما سيفضي إلى نوع من المنافسة بينهما التي يجب أن تؤدي إلى تأهيل المستشفيات العمومية وتمكينها من الموارد البشرية والتجهيزات التي تجعلها قادرة على الاستجابة لانتظارات المواطنين، خاصة الفئات الهشة.
ويقتضي تعميم التغطية الصحية، تجاوز النقص على مستوى الموارد البشرية في المستشفيات العمومية، حيث أن المغرب يتوفر على 5 أطباء و13 ممرضا وممرضة لكل عشرة آلاف شخص، مقابل 13 طبيبا و29 ممرضا وقابلة بتونس.
ويتصور مراقبون أنه من أجل إنجاح ورش تعميم التغطية الصحية، يتوجب تكوين أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين، في الوقت نفسه الذي يتوجب إغراء الأطباء والممرضين بالعمل بالمملكة في ظل ارتفاع الطلب على هذه الموارد البشرية من قبل بلدان أخرى في ظل التحديات التي طرحتها الجائحة عبر العالم.
ويعتبر علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، لـ"SNRTnews"، أن من أكبر العلامات الدالة على فشل المنظومة الصحية الوطنية هو مؤشر الموارد البشرية، فعدد الأطباء والممرضين بالمملكة لا يغطي 53 بالمائة من حاجيات المغاربة، مما يجعلهم يشتغلون في ظروف شاقة، مؤكدا أن هذا "ما يفسر مغادرة الكثير من الأطباء والممرضين للقطاع العام، والتوجه إلى القطاع الخاص، أو إلى الخارج، حيث أن أزيد من 10.000 طبيب هاجروا من المغرب وهم يشتغلون الآن بأوروبا أو كندا".
ويرى مصطفى الشناوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية، أن جائحة "كورونا" كشفت مدى الخلل والنواقص التي تعاني منها المنظومة الصحية بالمغرب، "خصوصا على مستوى القطاع الصحي العمومي، الذي أظهرت الجائحة مدى أهميته سواء في عز انتشار الفيروس أو خلال حملة التلقيح".
وأوضح الشناوي، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن قطاع الصحة العمومي، يعتبر المعيار الرئيسي لقياس مستوى المنظومة الصحية في أي بلد، مشيرا إلى أن القطاع الخاص يجب أن يكون مكملا فقط، لذلك يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في تكوين المزيد من الأطر الصحية، والأهم من ذلك تحفيزهم للاشتغال بالقطاع العام، من خلال اتخاذ إجراءات عملية، أهمها الرفع من الأجور، وتوفير ظروف اشتغال مواتية للحد من ظاهرة هجرة الأطر الطبية والصحية، إما إلى القطاع الخاص، أو إلى خارج أرض الوطن".
وفي السياق ذاته، قال حبيب كروم، رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية، إن تنزيل ورش المنظومة الصحية الذي يعد لبنة أساسية في مشروع تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب، يتطلب أولا تهيئ الأرضية المناسبة، من خلال تأهيل المنظومة الصحية الوطنية من الناحية اللوجستيكية، بتأهيل المستشفيات بالمستلزمات الطبية والآلات البيوطبية، والأدوية، إضافة إلى عنصر الموارد البشرية التي تعاني نقصا حادا.
وأوضح كروم، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن من أهم المشاكل التي يجب الانكباب عليها، قبل الشروع في تنزيل هذا الورش، العمل على القضاء على الفوارق الاجتماعية والمجالية، "فمن غير المعقول أن نجد مثلا: محور الجديدة الرباط يتوفر على مستشفيات عالية الجودة، وأطباء في جميع التخصصات، لكن، في المقابل، على الأشخاص الذين يسكنون في مناطق بعيدة أن يتنقلوا مئات الكيلومترات من أجل الحصول على خدمة طبية مناسبة".
الاستعانة بأطر أجنبية
أشار وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أنه لمواجهة العجز الكبير في الوارد البشرية، الذي يعاني منه القطاع الصحي بالمغرب، في أفق تزايد الطلب مع تنزيل هذا الورش المجتمعي الكبير، يرتقب فتح مزاولة مهنة الطب أمام الكفاءات الأجنبية، وتحفيز المؤسسات الصحية العالمية على العمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة.
وفي هذا الجانب، قال علي لطفي، إن "هذه المقاربة ستسهم بقوة في تطوير القطاع، مستدلا بعدد من المستشفيات الأجنبية التي تقدم علاجات وخدمات ذات جودة بعدد من الدول العربية".
وتابع لطفي، في تصريحات صحافية، أن "هذا القرار ينسجم مع سياسة صحة القرب لكونه سيوفر على المغاربة عناء التنقلات مرتفعة التكلفة والمرهقة للعلاج بالخارج"، منبها إلى أن "الأمر لا يتعلق بخصخصة القطاع الصحي وإنما بتحفيز القطاع العام على مستوى الاستثمارات الأجنبية واستثمارات الفاعلين الخواص".
ومن جانبه، كشف حبيب كروم أن المشروع جاء بمقترح فتح الباب أمام المستثمرين والأطباء الأجانب، لتجاوز العجز الذي تعاني منه المملكة في القطاع الصحي، مضيفا أن السياسات المتّبعة في هذا القطاع أثبتت فشلها في إحداث تدابير فعالة للحد من مغادرة الأطباء والممرضين للقطاع العام نحو القطاع الخاص أو إلى خارج الوطن.
وفي المقابل، أكد مصطفى الشناوي أن "الاستعانة بأطر صحية أجنبية للحد من العجز في الموارد البشرية وعدم تكافؤ توزيعها الجغرافي بالمملكة، يمكن أن يكون إجراء تكميليا، لكن الأساس هو الوقوف على الأسباب الحقيقية التي تدفع الأطر الوطنية إلى مغادرة القطاع العام، والتي تتمثل في ضعف الأجور، إضافة إلى عدم تقديم تحفيزات للمشتغلين بالمناطق النائية"...
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع