مجتمع
في يومهن العالمي.. كيف عاشت المغربيات جائحة "كورونا"؟
08/03/2021 - 10:50
وئام فراجفقدان مناصب الشغل، عنف زوجي، اكتظاظ منزلي، وآثار اجتماعية واقتصادية عميقة واجهت فئة عريضة من النساء خلال فترة الحجر الصحي، واستمرت إلى ما بعد ذلك، هذه خلاصة الدراسات التي أجرتها المندوبية السامية للتخطيط، فضلا عن عدد من هيئات المجتمع المدني، والهيئات الحكومية.
المندوبية: النساء أكثر تضررا من الجائحة
أظهرت أرقام المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها الصادر شهر فبراير 2021، بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن الأزمة الصحية انعكست بشكل كبير على الوضع المادي للعديد من الأسر، خاصة التي تعيلها النساء.
وأوضحت، من خلال المعطيات التي استقتها، أن ما بين 55 إلى 73 في المائة من النساء المعيلات لأسرهن، اللواتي ينتمين لفئة "أطر متوسطة"، أو النساء التاجرات والصانعات الحرفيات، صرحن بتوقف أحد أفراد أسرتهن عن العمل في القطاع الخاص.
وتعمل أغلب النساء المتضررات من جائحة "كورونا" في القطاع غير المهيكل، الذي تضرر بدوره من تداعيات الأزمة الصحية، وتتفاقم الأزمة أكثر، وفق التقرير، عند الأسر العاملة في التجارة، إذ لاحظت المندوبية أن 5,6 في المائة فقط من أفراد الأسر التي تعيلها نساء حافظوا على نشاطهم، مقابل 28,2 في المائة لدى الأسر التي يعيلها الرجال.
كما وجدت ما بين 36 إلى 72 في المائة من النساء اللواتي يعملن في قطاعات الفلاحة والصناعة والتجارة والخدمات، أنفسهن دون دخل يمكنهن من إعالة أسرهن، خلال فترة الحجر الصحي، ولاحظت بذلك المندوبية أن الأسر التي تعيلها نساء تكون في وقت الأزمات أكثر ضعفا بسبب ضعف فرصها للعثور على بدائل.
من جهتها، أكدت دليلة لوديي، ناشطة حقوقية، أن تأثير جائحة "كورونا" على النساء المغربيات أظهرت حجم الهشاشة الاجتماعية التي تعاني منها العديد من النساء في المغرب، مبرزة أن هذا الأثر سيظل مستمرا إذا لم تقم الحكومة بمبادرات خاصة لدعم النساء المتضررات.
وأبرزت لوديي، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن أغلب النساء المتضررات يشتغلن في القطاع غير المهيكل، دون أي ضمانات أو حقوق مكفولة في حال تعرضهم للأزمات، مشيرة إلى أن القطاع الفلاحي الذي يشكل مصدر رزق كبير للنساء العاملات تضرر بدوره جراء الجائحة والجفاف، ما أدى إلى تشريد العديد منهن.
وترى الفاعلة الجمعوية أن ولوج النساء لسوق الشغل كان ضعيفا من قبل، وتفاقم مع جائحة "كورونا"، ما أدى إلى تدهور الحالة المادية للعديد من النساء المغربيات اللواتي يعلن أسرهن.
ضعف مشاركة النساء في سوق الشغل
كشفت دراسة حديثة أعدتها وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي، أن النساء أقل مشاركة في سوق الشغل بالمغرب مقارنة بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم، مشيرة إلى أن نسبة النشاط لدى النساء تصل إلى حوالي 21,5 في المائة مقارنة بـ71 في المائة لدى الرجال.
وأشارت الدراسة إلى وجود عقبات عديدة تحول دون مشاركة النساء في سوق الشغل، من بينها المعايير المرتبطة بالنوع، والإطار القانوني، وبنية الاقتصاد وسوق الشغل والرأسمال البشري.
وأبرزت معطيات الدراسة، التي تحمل عنوان "التكاليف الاقتصادية لعدم المساواة بين الجنسين في سوق الشغل بالمغرب"، أنه في حال نجح المغرب في محو التفاوتات بين الجنسين في ما يخص سوق الشغل، فإن نصيب الفرد من الناتج الداخلي الإجمالي سينمو بحوالي 39,5 في المائة.
وأكدت أن المغرب شهد انخفاضا ملحوظا في معدل مشاركة المرأة في القوة العاملة خلال العقدين الماضيين، مشيرة إلى أنه انتقل من 30,4 في المائة سنة 1999 إلى 19,9 في المائة سنة 2020.
وبالعودة إلى تقرير المندوبية السامية للتخطيط المنجز بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، حول "تأثير جائحة كوفيد 19 على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للأسر"، عدم استفادة النساء من المساعدة المقدمة من طرف الحكومة للتخفيف من تداعيات الجائحة بنفس قدر استفادة الرجال، زاد من تأزم وضعية النساء المادية.
ووفق نتائج المرحلة الأولى من البحث، اتضح أن الأسر التي تعيلها النساء استفادت بدرجة أقل من المساعدات مقارنة بالأسر الي يرأسها الرجال، ويرجع هذا الأمر بحسب التقرير، إلى الجودة المتفاوتة للوظائف التي كانوا يزاولونها قبل الأزمة.
كما أشارت المندوبية لكون النساء أقل عددا ضمن المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما يجعلهن أكثر هشاشة بغض النظر عن وضعهن المهني.
وأوضحت المندوبية في هذا الإطار، أن عدد ربات الأسر العاطلات أو اللاتي عانين من فقدان العمل واللاتي صرحن باستفادتهن من المساعدات يقل مقارنة بأرباب الأسر الرجال في نفس الوضع بنسبة 16 في المائة مقابل 21 في المائة.
من ناحية أخرى، أشارت المندوبية إلى أن قدرة النساء على إيجاد عمل بعد رفع الحجر الصحي كانت ضعيفة مقارنة بالرجال، كما لاحظت من خلال المعطيات المستمدة من بحث حديث للبنك الدولي لدى المقاولات، زيادة هشاشة وضع المرأة في سوق العمل، ما ساهم في زيادة وطأة الإكراهات المالية التي عانت منها النساء في ظل الأزمة الصحية.
ولتشجيع النساء على استئناف نشاطهن الاقتصادي والاجتماعي، دعت لوديي، في حديثها مع "SNRTnews"، الحكومة، إلى اتخاذ إجراءات مماثلة لما قامت به لجنة اليقظة الاقتصادية تجاه القطاعات المتضررة، عبر الاهتمام بالنساء العاملات، وضمان استفادتهن من الحماية الاجتماعية، "خاصة النساء العاملات في القطاع غير المهيكل، اللواتي تضررن بشكل كبير من تداعيات الجائحة".
الاكتظاظ في السكن والعنف المنزلي
فاقم الحجر الصحي من حدة العنف الذي تتعرض له العديد من النساء بمختلف مستوياتهن الثقافية والاجتماعية، وكشفت فيدرالية رابطة حقوق النساء، في وقت سابق، ارتفاع العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال هذه الفترة، بنسبة بلغت 31,6 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019.
وسجلت الفيدرالية ما مجموعه 4663 فعل عنف مثبت على النساء والفتيات بمختلف أنواعه خلال الحجر الصحي عام 2020، وشكل العنف النفسي أعلى نسبة بحوالي 50 في المائة، يليه العنف الاقتصادي بنسبة 26,9 في المائة.
كما سجلت 709 أفعال عنف جسدي، أي بنسبة 15,2 في المائة، فيما ارتفع العنف الجنسي خلال الفترة نفسها بخمسة في المائة.
ولاحظت الفاعلة الجمعوية في مجال حقوق المرأة، دليلة لوديي، زيادة في مظاهر العنف الزوجي خلال فترة الحجر الصحي بسبب مكوث الأزواج داخل منازلهم لمدة طويلة.
وأشارت المندوبية السامية للتخطيط في بحثها، إلى معاناة ربات الأسر أكثر من نظائرهن الرجال من تأثير الأزمة الصحية على علاقتهن العائلية وحالتهن النفسية والسلوكية.
وتتمثل الآثار النفسية السلبية خصوصا، وفق المصدر نفسه، في اضطراب النوم والقلق والخوف والسلوكات الهوسية؛ إذ أبرزت المندوبية أن ربات الأسر اللواتي شملهن البحث، عانين بنسبة 46,8 في المائة من الخوف، وبنسبة 26,4 في المائة من اضطراب النوم خلال فترة الحجر الصحي.
ويعد الاكتظاظ في السكن من بين أبرز أسباب الصراعات الزوجية؛ إذ كشفت المندوبية أن 21 في المائة من النساء عبروا عن معاناتهم في كثير من الأحيان من الاكتظاظ داخل السكن أثناء فترة الحجر الصحي.
وعانت نسبة كبيرة من النساء المغربيات خلال فترة الحجر الصحي، أيضا من عدم قدرتهن على التوفيق بين المهام المنزلية والنشاط المهني، نتيجة زيادة أعباء الأشغال المنزلية التي تهم الأسرة.
وكشفت المندوبية في هذا الإطار، أن عدد النساء اللواتي صرحهن بأنهن مكلفات بأعباء زائدة في الأشغال المنزلية فاق عدد الرجال بـ27 في المائة مقابل 9 في المائة.
من جهته دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إلى اعتماد تدابير استعجالية من أجل تحقيق التمكين والازدهار الذاتي للنساء المغربيات، مشيرا، في وثيقة توصل "SNRTnews" بنسخة منها، إلى أنه لا يمكن لأي بلد تحقيق طموح التنمية والتقدم، إذا كانت نساؤه تعاني من الإقصاء.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع