مجتمع
مراجعة مدونة الأسرة.. مقترحات تواكب التغيرات الاجتماعية والتشريعية
25/12/2024 - 10:26
مراد كراخي
يتواصل ورش مراجعة مدونة الأسرة الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، حيث لاقت المقترحات المقدمة في هذا الإطار تفاعلا كبيرا. وقد تم عرض هذه المقترحات بعد اكتمال مسار الاستشارات الواسعة التي أشرفت عليها الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، وبعد إبداء المجلس العلمي الأعلى لرأيه الشرعي.
قالت وداد العيدوني، الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي، والعضو بالمجلس العلمي الأعلى، إن مقترحات التعديلات التي جرى تقديمها في إطار ورش مراجعة مدونة الأسرة، تتماشى مع توجيهات جلالة الملك، المتمثلة في صيانة الأسرة المغربية، وضمان استقرارها وتعزيز مكانتها.
وأشارت العيدوني، في تصريح لـSNRTnews، إلى المسار المتبع في هذا الورش، والمتمثل في رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، إلى جلالة الملك، تقريرا تضمن مقترحات التعديل، وتفضل جلالته، بإحالة تلك المرتبطة منها بنصوص دينية على نظر المجلس العلمي الأعلى، الذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا، وقيام جلالته، بالتحكيمات الضرورية بالنسبة للقضايا التي اقترحت فيها الهيئة أكثر من رأي، أو تلك التي تطلب الأمر مراجعتها في ضوء الرأي الشرعي.
وأوضحت العيدوني أن "من شأن تعديل مدونة الأسرة المساهمة في ضمان استقرار الأسرة المغربية في توافق مع ثوابتنا الدينية، وفي انسجام تام مع متطلبات العصر، مع ضرورة احترام مبادئ العدل والمساوات والتضامن المستمدة من الدين الإسلامي والقيم الكونية التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة".
وأبرزت المتحدثة ذاتها على أن التعديلات التي ستطال مدونة الأسرة لم تمس بجوهرها كإطار قانوني للأسرة المغربية ككل، حيث إنها لا تنتصر لفئة على أخرى، وإنما هي مدونة جاءت بأحكام عامة وبقواعد قانونية تهم كل مكونات الأسرة المغربية.
وأشارت إلى أن التطور والتغيرات المتسارعة التي تعرفها مكونات الأسرة المغربية، تقتضي أن تتم مواكبتها على المستوى التشريعي، وهذا ما وقف عنده أمير المؤمنين، من خلال دعوت جلالته للمجلس العلمي الأعلى إلى "مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته، لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تجديدية تساير متطلبات العصر".
وفي السياق ذاته، أبرز محمد شماعو، المحامي بهيئة الرباط، أن ما ميز ورش إصلاح مدونة الأسرة هو المنهجية المعتمدة في هذا الإطار، والمتمثلة في اتباع رؤية تشاركية ساهم فيها كل من المجتمع المدني، والأحزاب، والمجلس العلمي الأعلى.
وأوضح شماعو لـSNRTnews أن التعديلات المقترحة في هذا الإطار جاءت بآراء اجتهادية متقدمة، تراعي المرجعيات والغايات المحددة في مضمون الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة بهذا الخصوص، وكذا تلك الواقعة في دائرة الضوابط المحددة لعمل الهيئة، وفي مقدمتها "عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام".
ولفت إلى أن مسار إصلاح هذه المدونة لا يزال طويلا، إذ يتطلب أولا إيصال التعديلات المقترحة للرأي العام بشكل مبسط من أجل الفهم السليم لمضامينها، وهو ما أشار إليه جلالة الملك من خلال دعوت جلالته، إلى التواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه بعد اعتماد مضامين هذه المقترحات ستأتي مرحلة صياغتها في مبادرة تشريعية، طبقا للأحكام الدستورية، حيث من المرتقب أن تخلق نقاشا كبيرا بالمؤسسة التشريعية.
المقترحات
تضمنت المقترحات الخاصة بإصلاح مدونة الأسرة إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، وإمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وتحديد أهلية الزواج بالنسبة للفتى والفتاة في 18 سنة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة "الاستثناء.
ونصت التعديلات المقترحة على إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج، وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛ وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن "المبرر الموضوعي الاستثنائي" للتعدد، سي صبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مان ع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، ي قدرها القاضي.
وتضمنت جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، واعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصال العلاقة الزوجية، وعدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها.
وتم وضع معايير مرجعية وقيمية تراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها، وجعل "النيابة القانونية" مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها، وتحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله.
وشملت المقترحات حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون، وتفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع "إرث البنات"، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية، وفتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين.
وفي ما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة، الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، فتهم توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر، ومراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة، وتسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث "شباك موحد" على مستوى محاكم الأسرة، وتأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج، مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع، ودراسة إمكانية إحداث سجل وطني تُسجل فيه عقود الزواج والطلاق.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
الأنشطة الملكية