مجتمع
هل مراجعة مساطر الطلاق الاتفاقي في مدونة الأسرة ستحقق مكاسب؟
27/12/2024 - 12:04
يونس أباعليمن بين مقترحات التعديلات التي يمكن أن تخضع لها مدونة الأسرة، جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جلها، وتحديد أجل ستة أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق.
كما تضمنت الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة "إحداث هيئة غير قضائية للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار".
الإعفاء من مساطر طويلة
تأتي هذه المقترحات، القابلة للمراجعة وستسلك مسطرة طويلة قبل أن تدخل رسميا ضمن مدونة الأسرة، في وقت تشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل ما مجموعه 24 ألفا و162 حالة طلاق اتفاقي سنة 2023، إلى جانب 341 حالة طلاق رجعي من أصل 249 ألفا و89 رسم زواج.
تؤكد الأستاذة حفيظة الوزاني، نائبة رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بفاس، أن الطلاق هو أحد الظواهر الاجتماعية المهمة التي تحتاج عناية كبيرة في تناولها من حيث التشريع والتطبيق.
وأبرزت الخبيرة في قضايا الأسرة، ضمن تصريح لـSNRTnews، أن من أهم ما جاء في التعديلات المقترحة لمدونة الأسرة جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلك مسطرة قضائية، أي بدون طرق أبواب المحكمة، وهو ما يعني تيسير المسطرة على الأطراف لأنه تعاقد بين الزوجين بشكل رضائي واتفاقي.
وأكدت أنه تعاقد سيتناسب مع ظروف الزوجين وإمكاناتهم، كما أنه يُعفيهما من سلك مسطرة الصلح، وهي مسطرة إجبارية في جميع أنواع الطلاق والتطليق، وكذلك في دعاوى التعدد. وهي مساطر تأخذ وقتا طويلا.
المكسب الآخر لما تمّ اقتراحه، في نظر الوزاني، هو جعل إرادة الأطراف هي المتحكمة في آثار الطلاق، أي تحديد مستحقات الزوجة والأبناء، وخصوصا الأطفال من حيث نفقتهم وسكناهم والحضانة وتنظيم حق الزيارة والسفر بهم وانتقالهم وتنقلاتهم وتطبيبهم...
كما سجلت أن الأمر سيُسرع عملية الطلاق الاتفاقي وفك العصمة، خصوصا أن الزوجين اتفقا على إنهاء العلاقة. كما أن الأمر يضمن فعالية الاتفاق في ما يتعلق بمصلحة كل طرف، كما قالت.
وأكدت الوزاني على أن هذا سيُخفف العبء على الجهاز القضائي، على اعتبار أن الطلاق الاتفاقي وطلاق الشقاق يأخذان حصة الأسد مقارنة مع باقي أنواع الطلاق الأخرى.
آليات الصلح
تقول زهور الحر، محامية بهيئة الدار البيضاء وقاضية سابقة ورئيسة سابقة لمحكمة الأسرة بالدار البيضاء، في تصريحها لـSNRTnews، إن تجربتها في القضاء والمحاماة بيّنت لها أن الصلح "لا ينجح دائما، ومن هنا اقترح الإصلاح الجديد إحداث مؤسسة للوساطة تكون خارج المحكمة، أي أن الزوجين سيمران منها قبل الوصول إلى القضاء، للبحث عن أسباب النزاع وتقريب وجهات النظر، خصوصا إذا كان هناك أطفال، لأنهم هم أول من يؤدون ضريبة الطلاق".
وأبرزت عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تصريحها أن هذه المؤسسة المنتظرة ستضم أشخاصا مؤهلين وملمين بميكانيزيمات وآليات الصلح، لأن القاضي في نظرها ليست لديه هذه الآليات لكي يتدخل لإقناع الطرفين.
وذكرت أن الطلاق الاتفاقي يتطلب الاتفاق على ضمان حقوق الطفل أساسا، وليس من أجل الطلاق فقط، لذلك يتوجب تنظيم العلاقة في ظل هذا الطلاق الاتفاقي.
وشرحت أن الزوجين يلجآن، كوسيلة أولى، إلى العدول لتحرير الاتفاق، وإذا تم خرقه يتم اللجوء إلى المحكمة. أو يتم الاتفاق وفيما بعد تصادق عليه المحكمة في جلسة مستعجلة، لكي يتأكد رئيس المحكمة من عدم وجود مقتضى يخرق النظام العام والذي يهم أساسا حقوق الطفل.
سؤال التطبيق
هذا السؤال هو المطروح بالنسبة لزهور الحر، التي تترأس مركز "سند للوساطة الأسرية"، والتي كانت من ضمن الأطراف التي استمعت لها اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، إذ قالت إن هذه المبادرة الملكية كانت حكيمة لإعادة النظر في المدونة بعد مرور 20 سنة، وهي سنوات عرف فيها المغرب تحولات وتغيرات بفعل عوامل عديدة اقتصادية واجتماعية.
وشددت على أن "التشريع يجب أن يواكب المجتمع ليصلح المشاكل الموجودة، ويجب أن يكون ذلك بالتجدد والتدرج، إذ في سنة 1965 تم سن قانون الأحوال الشخصية و1993 تم تعديله، وفي 2004 وُضعت إصلاحات جديدة، والآن في 2024 نرى الآن هذه المكاسب الجديدة".
وترى الحر أن تطبيق كل ما سبق هو الأهم لكي تكون هذه الإصلاحات ذات أثر في الواقع، لأن "الشيطان يكمن في التفاصيل" بحسب وصفها.
في هذا الإطار، تؤكد الحر أنه يتوجب تكوين قضاة الأسرة لكي يتوفروا على خلفيات ثقافية وفكرية وأن يعرفوا أعراف المجتمع، وأن يلم القاضي بالمسائل النفسية أيضا لأنه يتعامل مع نفس بشرية وليس مع نص قانوني.
وتابعت أنه يتوجب، أيضا، تكوين القضاة ليعرفوا كل الجوانب المتعلقة بالأسرة، والتي أكدت أنها متشابكة، لضمان التنزيل السليم لهذه الإصلاحات.
أما حفيظة الوزاني، فتتوقع أن يكون العدول هم الذين سيبرمون عقود الطلاق الاتفاقي وإحالتها على مؤسسة قاضي التوثيق، والتي هي، كما شرحت، إدارة قضائية تعني بتوثيق الحقوق والمعاملات وإثبات التصرفات والوقائع، وفق الشكل والمضمون الذي يحدده الشرع والقانون.
كما يمكن في نظرها أن ينخرط المحامون والموثقون في العملية، على أساس أن يتم الإشهاد على هذه العقود ومعاينتها من طرف المحكمة.

مقالات ذات صلة
مجتمع
سياسة
مجتمع
مجتمع