سياسة
مشروع قانون الإضراب بـ"المستشارين".. إشادة و دعوة لتقوية النقابات
16/01/2025 - 21:02
يونس أباعلي
بدأ مجلس المستشارين في مناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب المثير للجدل، الخميس 16 يناير 2025، بعدما قدمته الحكومة في الأسبوع الماضي، في خضم ملاحظات عديدة تُبديها النقابات على صيغته التي لا تخفي الحكومة كونها "غير مكتملة".
واعتبر فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، خلال مناقشة المشروع بلجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، أن تحديد مفهوم الإضراب "صيغة متفق بشأنها من طرف الحكومة والفاعل السياسي والفاعل النقابي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان".
مكتسبات.. لكن
سجل الفريق نفسه أن المشروع عرّف بشكل دقيق بعض المصطلحات من قبيل العامل والأجير والمشغل، وأن الوثيقة التشريعية تضمنت أيضا حذف التنصيص على منع الإضراب السياسي والإضراب التضامني والإضراب بالتناوب، معتبرا إياها مكتسبات لفائدة العمال والأجراء.
ومن المكتسبات التي تضمنها المشروع، بحسب الفريق، توسيع دائرة الجهات الداعية إلى الإضراب، وحذف جميع المقتضيات الجنائية التي كانت مرتبطة في الصيغة القديمة بالمطالبة بممارسة الحق في الإضراب.
غير أنه في ما يخص الآجال والشروط القانونية لممارسة الحق في الإضراب، فتضمن، في نظره، مقتضيات تعجيزية لممارسة حق الإضراب وآجالا يصعب معها ممارسة هذا الحق، مقترحا الانتظار 30 يوما كأجل لممارسة الإضراب من تاريخ توصل المشغل بالملف المطلبي من الجهة التي يمكن لها الدعوة إلى الإضراب.
وفيما اقترحت فرق الأغلبية بالغرفة الأولى تقليص هذه الآجال إلى 15 يوما بدل 30 يوما، يطمح الفريق في تقليص هذه المدة إلى ما دون ذلك، منوها بالحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات لدى المقاولات والمؤسسات في حال ممارسة الإضراب، وإلغاء نظام السخرة وتعويضه باتخاذ التدابير اللازمة من أجل تأمين استمرار المرافق الحيوية في تقديم خدماتها وتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية.
أما الفريق التجمعي، فيرى أن مشروع القانون يضمن الحقوق المكتسبة لأنه ديمقراطي مؤسساتي، ويضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب ويؤطره، ويقطع مع كل سلوك فوضوي بدون ضوابط واضحة لممارسته.
وعبر عن رفض ما وصفها "المزايدات التي رافقت المشروع"، وأنه من "الضروري الاشتغال بمنطق الوضوح والصراحة والقطع مع العمل النقابي غير المهيكل".
وفي نظره، فالحكومة جعلت من الحوار الاجتماعي خيارا استراتيجيا عكس ما يدعي البعض، وبالتالي فإن الفريق "مقتنع بأننا أمام منجز حكومي استثنائي بحمولة سياسية تاريخية غير مسبوق"، مضيفا : "المنطق السليم يقتضي الاحتكام للذكاء الجماعي، والمنهجية الحوار والنقاش البناء، وفق رؤية جديدة تستحضر التكلفة الكبيرة لغياب هذه النصوص المنظمة لحق الإضراب على الجميع".
اتهام بـ"التهريب"
من جهته، اعتبر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب في مداخلته أن هناك "من يحاول تهريب المشروع إلى أمكنة أخرى عوض البرلمان"، وأنه "يدرك أهمية العمل الذي تم القيام به من أجل إعادة الصياغة الشاملة والعميقة للمشروع"، بيد أن قراءته "الصبورة والهادئة للمشروع غداة تصويت مجلس النواب عليه، جعلته يقف عند بعض المفاهيم الفضفاضة التي تخشى أن يتم استغلالها لإفراغه من روحه الحقوقية وعمقه الديمقراطي".
وقال إن "التفاصيل سوف يقوم بتدقيقها أثناء المناقشة التفصيلية للمشروع،"، مؤكدا أنه على استعداد لمناقشة باقي المشاريع التي تضمنها الاتفاق الاجتماعي، وفي مقدمتها قانون النقابات الذي دعا الحكومة إلى الإسراع بإحالته على البرلمان بنفس الروح التوافقية التي ميزت عملها حول مشروع قانون الإضراب.
وسجل أن مناقشة المشروع "فرصة كي نطلق صرخة على واقع ومآل الحريات النقابية التي تئن، والتي تحارب في القطاع الخاص".
صعوبات الفهم
سجل الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية أن المشروع يثير إشكاليات جوهرية تمس بجوهر الحق في الإضراب وممارسته الفعلية، معتبرا أن تعريف الإضراب يقتصر على فئة الأجراء الخاضعين لقوانين الشغل والوظيفة العمومية.
وسجل تكرار المواد وتداخل النصوص المتعلقة بالعقوبات، مما يخلق صعوبة في الفهم والتطبيق، كما أن التعريف لم يعكس بالشكل المطلوب أهمية حق الإضراب كحق دستوري إنساني، ولم تبرز بوضوح التزام المشرع بالمواثيق والاتفاقيات الدولية، وهو الأمر الذي يستدعي مراجعة شاملة للبناء القانوني للمشروع بما يضمن وضوحه وانسجامه مع المبادئ الدستورية والمعايير الدولية.
كما يثير موضوع النصاب القانوني المطلوب لعقد الجمع العام واتخاذ قرار الإضراب إشكالية عملية كبيرة، بحسب الفريق، خاصة في المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وفي ما يتعلق بالجانب الجزائي، فإن اعتماد عقوبات مقترنة بغرامات ثقيلة تثقل كاهل الشغيلة، يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات الحقوقية في مجال الحريات النقابية، بحسبه.
وأبرز أن الحديث عن تقوية النقابات "نقطة مفصلية في سياق مناقشة قانون الإضراب، على اعتبار أن التنظيم النقابي هو الأساس لتفعيل هذا النوع من القوانين داخل الوحدات المقاولاتية أو وحدات القطاع العمومي.
وشدد على أن المعادلة القانونية التي تربط بين قانون الإضراب وقانون النقابات وقانون الحوار الاجتماعي تتطلب توازنا دقيقا لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي.
وتابع أن "معالجة هذه الإشكاليات تستدعي مراجعة شاملة وعميقة للمشروع تأخذ بعين الاعتبار البعد التنموي والاستراتيجي للعلاقات المهنية ببلادنا".

مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة