سياسة
مشروع قانون الإضراب .. خبراء يوصون بعدم التسرع ويسجلون ملاحظات
23/01/2025 - 11:37
يونس أباعلي
أوصى خبراء الحكومة والنقابات بعدم التسرع في إخراج القانون التنظيمي المنظم للإضراب، إذ يرون أنه يتعين إخضاعه لمراجعات.
قُبيل الشروع في مناقشته تفصيليا، ارتأت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، الاستماع لآراء خبراء في ما يتعلق بمشروع قانون الإضراب. وقد أدلوا بملاحظاتهم وآرائهم بشأنه آملين في أن تأخذ الحكومة بما جاؤوا به، لإخراج صيغة تحظى بالتوافق. في وقت تبدأ الحكومة جولة ثانية من المشاورات مع النقابات ابتداء من الجمعة المقبل.
ميارة: نعول على المجلس
اللجنة نظمت لقاء دراسيا، الأربعاء 22 يناير 2025، بدأ بكلمة لرئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، تلاها نيابة عنه رئيس اللجنة عبد الرحمان الدريسي، قال فيها إن تركيبة مجلس المستشارين تجعل من الأخير يُراهَنُ عليه لأداء دور فعال خلال ما تبقى من مراحل المسطرة التشريعية وتدارك ثغراته.
وأبرز أن الحكومة من جهتها مدعوة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة التركيبة الاجتماعية والمهنية لمجلس المستشارين، مؤكدا أنه يتوقع أن تكون للمجلس بصمة واضحة على مضمون مشروع القانون من خلال التفاعل الإيجابي للحكومة مع مقترحات التعديلات.
وأضاف ميارة في كملته أن الأمل معقود على قانون تنظيمي متوازن مستوف لشروط التطبيق لأطول مدة ممكنة ومكرس للضمانات القانونية الحقيقة لكافة المخاطبين بأحكامه، وأن يكون النقاش مثمرا وأن يحيط بكافة الفراغات والثغرات القانونية المحتملة التي قد تعرقل إخراجه.
ملاحظات عديدة
شدد علال البصراوي، نقيب المحامين السابق بخريبكة، على أهمية أن يستند القانون المنتظر إلى المواثيق والقوانين الدولية لا غير، معتبرا أن ديباجية المشروع مهمة لأنها تنص على مقتضيات ومرجعيات القانون التنظيمي وتزكي اجتهاد الحكومة والفرقاء الاجتماعيين رغم أنها لا تمنح أي امتيازات ولا تحذفها.
واعتبر في مداخلته أن المغرب لم يُقنن الإضراب منذ 1962، لكن إذا تم تقنينه يجب أن يكون بدون إجراءات وقيود كثيرة بشكل يُقيد حق الإضراب تحت غطاء القانون، في المقابل هذا الحق لا يمكن التعسف فيه من طرف العمال.
ويرى أن تعريف الإضراب يجب أن يكون مفتوحا لأن التعريفات ليست من اختصاص المُشرع، بل من اختصاص الفقه والقضاء، وكان مقبولا أن يُعرف الإضراب بكونه كل توقف عن العمل دفاعا عن مصالح مادية أو معنوية.
وتابع أن من بين الأمور الصعبة في المشروع ما يتعلق بإجراءات الإضراب، من حيث الآجال والتبليغات والجهات الداعية له، معتبرا أن "تقيدات"، وأنه لا مبرر لكي تكون الآجال طويلة، مضيفا أن القانون المغربي ينص على "الأجل المعقول" والذي يعني 15 يوما حسب الاجتهاد القضائي.
وسجل أنه لا يعقل تبليغ أكثر من جهة قبل خوض الإضراب، في حين أن عامل الإقليم هو الذي يمثل الحكومة، وبالتالي هو يكفي لوحده بعد تبليغ رب العمل. كما يرى أن ما يتعلق بالملف المطلبي يضم تعقيدات، لأن أي إضراب دون ملف مطلبي يُعتبر إضرابا غير مشروع وبالتالي ترتيب آثار ذلك.
أما الجهات التي يمكنها وقف الإضراب، والتي حددها مشروع القانون في قاضي المستعجلات ورئيس الحكومة وأيضا السلطات العمومية بطريقة غير مباشرة، قال البصراوي إنه لا مبرر لرئيس الحكومة وقف الإضراب في حين يمكنه اللجوء إلى القضاء الاستعجالي كجهة وحيدة لها الحق.
وانتقد تغييب دور مفتش الشغل باعتباره فاعلا حيويا وله علاقة بالمشغلين والعمال ودوره تصالحي، مضيفا أن تبديل العقوبات بالجزاءات هو إجراء غير كاف لأنه قانون للحريات والحقوق.
نص "عليل"
أما محمد طارق، وهو أستاذ جامعي وخبير في قانون الشغل، فطالب بالتريث في مناقشة مشروع القانون لأن السرعة في إحالته على مجلس المستشارين في نظره توحي بارتباطه بظروف انتخابية أو مواعيد سياسية، في وقت يمكن إعادة بناء النص بناء على صيغته الحالية.
ويعاني النص في نظره من "غياب الدقة اللغوية والأسلوب وبنية النص"، معتبرا أن مجلس النواب "لم يتوفق بشكل كبير في صياغة نص تنظيمي".
وسجل طارق أن المشروع الحالي يضم مقتضيات تمنع وتُكبل ممارسة الإضراب، مثلا المادة 3 التي تمنع الإضراب إذا كان متعلقا بتطبيق قانون الشغل، مثل المطالبة بالحد الأدنى للأجور أو تسجيل العمال في صندوق الضمان الاجتماعي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك مشكلا في ما يتعلق بتعريف الملف المطلبي والقضايا الخلافية، لافتا إلى أن بنية القطاع الخاص مبنية على مطالب بتطبيق القانون.
ولاحظ أن مشروع القانون كما كُتب "يحرم فئات كثيرة من ممارسة حق الإضراب"، متسائلا "ما هو السلوك الذي يتعين عليهم فعله للاحتجاج؟". في المقابل، اعتبر أن المشروع "أطلق وعمّم الإضراب في قطاعات في حين أن هناك خصوصيات في بعض القطاعات كوزارة الداخلية".
وأشار إلى أن هناك مؤسسات لا يوجد فيها مكاتب نقابية، بناء على ما تشير إليه المادة 11 من المشروع، في حين أن المكاتب النقابية يمكن أن تتأسس حتى ولو بخمسة عمال، معتبرة أن الإضراب سيكون بهذه الصيغة محتكرا من لدن القطاعات التي تستطيع خلق المكاتب النقابية. وتابع مسجلا أنه تم توسيع دائرة المرافق الحيوية التي لا يجب أن يكون فيها الإضراب عاما، لأن الحكومة "اعتبرت أن الأمر سهل في نظرها".

مقالات ذات صلة
مجتمع
سياسة
سياسة
سياسة