سياسة
مشروع قانون الإضراب.. مخاوف ومطالب نقابية
16/01/2025 - 22:33
يونس أباعلي
يرى الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين أن مشروع القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يحتاج إلى دراسة متأنية وعميقة تستحضر أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والحقوقية، لتحقيق التوازن المطلوب بين الطبقة العاملة والمشغلين، سواء كانوا في القطاع العام أو الخاص أو عموم فئات المجتمع.
ضرورة المراجعة
أكد الاتحاد، خلال مناقشة المشروع في لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، الخميس 16 يناير 2025، أن الغايات الفضلى المتوخاة من هذا القانون التنظيمي، ستبقى ناقصة دون إصلاح قانوني ومؤسساتي، معتبرا أن "أي قانون لتنظيم ممارسة الحق في الاضراب لابد أن يلتزم بالمرجعية الدستورية والقانونية والحقوقية والاتفاقيات والعهود الدولية ذات الصلة بالموضوع.
وشدد على "مراجعة عدد من المقتضيات القانونية الزجرية التي تكبل بشكل واضح ممارسة هذا الحق، وفي مقدمتها الاقتطاع من الأجر بسبب الإضراب، وتعقيد مسطرة الدعوة إلى الاضراب وتضييق على مساحة الجهات الداعية.
كما يرى أنه من الضروري العمل على إنجاز إجراءات مصاحبة لتطوير العلاقات المهنية والنهوض بالمفاوضات الجماعية ونزع فتيل الاحتقان الاجتماعي، وخلق مناخ جيد لتدبير العلاقات المهنية وتفعيل الحوار الاجتماعي المتعدد الاطراف والمفاوضة الجماعية.
ودعا إلى إخراج قانون النقابات، ومراجعة الفصل 288 من القانون الجنائي، والمصادقة على الاتفاقية الدولية 87 لحماية الحق النقابي وغيرها من الاتفاقيات المرتبطة بالحريات النقابية، وإحداث محاكم اجتماعية أو على الأقل غرف اجتماعية في محاكم المملكة متخصصة في قضايا الشغل وفض النزاعات الفردية والجماعية.
وسجل ضرورة "مراجعة الأعطاب الخطيرة لآليات لجن المصالحة، والنظر في كيفية تفعيل آلية التحكيم المعطل"، ناهيك عن تفعيل مؤسسات وآليات التشاور الثنائي والثلاثي واعتماد قراراتها وتنزيل حقيقي لمأسسة الحوار الاجتماعي وضمان تعدد أطرافه، والحسم في مسألة التمثيلية النقابية مركزيان، وقطاعيا ومجاليا، ومراجعة منظومة القوانين المتعلقة بانتخابات المأجورين بأفق ديموقراطي، يفرز تمثيلية اجتماعية ونقابية حقيقية.
الاتحاد أيضا يرى أنه من الواجب مراجعة مدونة الشغل ودعم جهاز تفتيش الشغل وتمكينه من الوسائل اللازمة لضمان اضطلاعه بمهامه على أكمل وجه.
ويرى أنه تم إقصاء بعض العمال بمبرر استمرار المرفق العمومي أو الخاص ينزع الى السخرة والتسخير، وعدم تطرق المشروع إلى آليات الوساطة وتشجيع المفاوضة كمقاربة استباقية، مطالبا بحذف المقتضيات المتعلقة باحتلال أماكن أثناء سريان الإضراب.
وشدد على أن "الغرامات غير معقولة وتقتضي مراجعة وانسجام مع درجة عدم احترام مقتضيات القانون وليس بمنطق جزافي".
قلق
أكدت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن المشروع أثار ولا يزال يثير جدلا واسعا بين الشغيلة والنقابات وأطياف المجتمع المدني، لما يحمله من توجهات تهدد أحد أهم الحقوق الدستورية التي تضمنها الفصل 29 من دستور المملكة المغربية، على حد وصفها.
وترى المجموعة، خلال المناقشة، أن المشروع "يثير قلقا عميقا، ويفتقر إلى صياغة دقيقة لتعريف الإضراب، مما يترك المجال واسعا للتأويلات المختلفة، ويثير جدلا حول الحالات التي يمكن اعتبارها إضرابا شرعيا أو غير شرعي".
وسجلت أيضا أن "هذا الغموض قد يؤدي إلى تقييد غير مبرر لهذا الحق أو إلى تضارب في القرارات القضائية عند البت في النزاعات ذات الصلة"، وأن "التعريف المطروح في المشروع قد يعطي الأولوية لمصالح أرباب العمل على حساب العمال، مما يفرغ الإضراب من دوره كآلية ضغط مشروع لتحقيق المطالب الاجتماعية والمهنية".
ويشير المشروع إلى منع الإضراب في ما يُسمى “القطاعات الحيوية”، دون تقديم تعريف دقيق لهذا المصطلح، حسب مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي تؤكد أن "هذا الغموض يُعطي فرصة لتوسيع دائرة الحظر بشكل غير موضوعي، مما يحرم آلاف العمال من ممارسة حقهم الدستوري".
بحسب المجموعة نفسها، المشروع "يقيد الإضراب عبر إجراءات تعجيزية مثل التصويت المسبق بأغلبية وفرض إشعار مسبق طويل الأمد"، وهو أيضا "يغفل عن حماية العمال من الطرد التعسفي أو الانتقام، مما يجعل ممارسة الإضراب مغامرة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لهم".
وشددت على أن غياب آليات واضحة لحماية الحق في الإضراب يؤدي إلى تقويضه ويضعف قدرة الشغيلة على مواجهة التجاوزات.
العقوبات التي ينص عليها المشروع "تثير مخاوف جدية حول نجاعة القانون وقدرته على تحقيق أهدافه دون المساس بحقوق المضربين، لأنها تبدو أكثر تقييدا مما يجب في مقابل غياب عقوبات رادعة وواضحة على أرباب العمل الذين يعرقلون حق الإضراب أو ينتهكون الحقوق النقابية وهو ما يشكل ثغرة كبيرة في هذا المشروع، لذا يجب مراجعة جوهرية لهذه النصوص بما يضمن تحقيق التوازن المطلوب وصيانة الحقوق الدستورية لجميع الأطراف"، كما جاء في ملاحظات المجموعة.
واعتبرت أن تضييق الحق في الإضراب سيدفع العمال إلى أشكال احتجاجية غير قانونية وغير منظمة، مما يزيد من التوترات داخل المؤسسات والقطاعات الاقتصادية، مبرزة أنه "مشروع قانون يراد به أن يحد من حقوق الشغيلة بدلا من تنظيمها، لأن أي قانون ينظم الإضراب يجب أن يكون متوازنا ويحمي الحقوق والواجبات مع الالتزام بالدستور والمواثيق الدولية وأن تمرير الصيغة الحالية تفقد الإضراب جوهره كحق مشروع لن يخدم السلم والأمن الاجتماعين".

مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة