سياسة
جدل حول المؤشرات الاقتصادية ومشروع قانون الإضراب بمجلس المستشارين
04/02/2025 - 21:06
مراد كراخيشهدت الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، يوم الثلاثاء 4 فبراير 2025، نقاشا تمحور حول المؤشرات الاقتصادية والمالية للعمل الحكومي، وكذلك مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
قال نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، إن المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية التي تحققها المملكة، وفق الأرقام التي تقدمها الحكومة، لم تنعكس على مستوى الدخل الذي يؤرق فئات واسعة من الأجراء المغاربة، كما أنها لم تنعكس على مستوى خلق فرص الشغل بشكل يمتص آفة البطالة المستمرة في الارتفاع.
وأوضح سليك أن هذه المؤشرات لم تنعكس أيضا على القدرة الشرائية للمواطنين التي تظل جد متدنية بسبب الارتفاع التصاعدي في الأسعار، كما أن هذا النمو لم ينجح في الحد من تفشي العمل غير المهيكل، حيث لا تزال حوالي 60 بالمائة من القوى العاملة خارج نطاق الحماية الاجتماعية.
وتابع قائلا: "الأجراء هم الفئة الأكثر تحملا للعبء الضريبي، حيث تُقتطع 74 في المائة من الضريبة على الدخل من المنبع، في حين أن الشركات الكبرى وبعض القطاعات الأكثر ربحية لا تؤدي الضرائب على أرباحها".
وأبرز أن تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني لا يجب أن يتم على حساب الحد الأدنى للأجر، والتغاضي عن طرد العمال، وضرب حقهم في التنظيم النقابي وممارسة حقوقهم النقابية، وفي مقدمتها "الحق في الإضراب"، الذي تريد الحكومة "اغتياله" من خلال "إجهاض" منهجية الحوار الاجتماعي عبر تهريب النقاش حول أهم القوانين الاجتماعية من طاولة الحوار الاجتماعي إلى البرلمان، على حد تعبيره.
من جانبه، تطرق خليهن الكرش، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، إلى موضوع الإضراب الوطني الذي دعت إليه عدد من النقابات ابتداء من يوم الأربعاء 5 يناير 2025، مشيرا إلى أن هذه الخطوة جاءت كرد فعل على "المساس بالحقوق والمكتسبات الاجتماعية".
وأشار خليهن الكرش إلى أن "تعزيز المكانة الدولية للمغرب لن يتأتى بالإجهاز على المكتسبات والحقوق التي تمت مراكمتها، وعلى رأسها الحق في الإضراب، وضرب الحريات النقابية"، وتابع قائلا: "الطبقة الشغيلة هي المحور المركزي للاقتصاد الوطني، وبدونها لن تتحسن المؤشرات المالية والاقتصادية للمملكة".
وتحدث عن "استمرار موجة الغلاء وتدمير القدرة الشرائية للمواطنين وتنامي المضاربات والاحتكار"، مبرزا أن "الحكومة مطالبة باعتماد إصلاحات اقتصادية حقيقية من أجل تعزيز الإنتاجية وتقوية النسيج الصناعي".
وفي السياق ذاته، قال خالد السطي، ممثل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، إنه ورغم تحقيق الحكومة لبعض المؤشرات الإيجابية، إلا أنها تبقى غير كافية، خصوصا "ونحن على أبواب نهاية الولاية التشريعية، لا سيما في ما يتعلق بتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية".
وأوضح السطي أن السياسة التي تنتهجها الحكومة تعاكس هذا الشعار الذي رفعته كناظم لسياساتها العمومية، مشيرا إلى أن "ملايين المغاربة لا يتوفرون على التغطية الصحية، إضافة إلى ارتفاع معدل البطالة".
وتابع قائلا: "الزيادة التي أقرتها الحكومة في الأجور تبخرت مع ارتفاع الأسعار"، وهو ما يظهر من خلال "استمرار الاحتقان الاجتماعي"، داعيا الحكومة إلى ضرورة تصحيح مسار سياستها المعتمدة.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن عددا من المركزيات النقابية قررت خوض إضراب وطني بسبب "تردي الأوضاع الاجتماعية، ومحاولة تمرير مشروع قانون تكبيلي للإضراب دون مشاورات حقيقية مع المعنيين، وفي مقدمتهم النقابات".
تعقيب رئيس الحكومة
في تعقيبه على هذه المداخلات، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن "الحكومة الحالية تمكنت من الوفاء بمعظم الالتزامات، وقدمت إجابات عديدة في مختلف القطاعات، كما واجهت بجرأة قوية الظرفيات الصعبة والمتلاحقة".
وأبرز أن التشغيل مشكل مطروح خلال السنوات الأخيرة، بسبب الجفاف الذي عرفه المغرب، "ولكن في المقابل، أريد التأكيد على أن الاختيارات التي قمنا بها، خلال هذه الولاية الحكومية، كانت موجهة بالدرجة الأولى لفئة الشباب، التي لن نتخلى عنها أبدا، وندعوها للبقاء متفائلة وعلى ثقة في المستقبل، فالتشغيل اليوم هو أولى الأولويات الحكومية".
وبالنسبة لارتفاع معدلات البطالة، قال أخنوش إن الحكومة تحترم الأرقام الرسمية، وتتفاعل معها، "غير أنه من المفروض أن نفهم هذه الأرقام ونقرأها قراءة صحيحة. هذا النوع من مناصب الشغل المفقودة، بدأنا نفقده منذ سنة 2016، وهي مناصب فلاحية، وغير منتظمة وغير مدفوعة، وغالبا ما تكون مجرد مساعدات عائلية في العالم القروي".
وأورد أن "الحكومة تتطلع إلى المستقبل، وسنة 2025 ستكون سنة معالجة إشكالية البطالة. ولذلك خصصنا 14 مليار درهم، لإنجاح خارطة الطريق الجديدة للتشغيل التي وضعت لها أهداف واضحة".
وبخصوص تفاعله مع المداخلات المتعلقة بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، قال أخنوش إن "بلادنا تعيش لحظة مهمة يعكسها اقترابنا من المصادقة على القانون التنظيمي للإضراب. وهذه اللحظة تنتظرها بلادنا منذ أزيد من 60 سنة؛ أي منذ صدور أول دستور يضمن الحق في الإضراب".
وتابع رئيس الحكومة أن المصادقة على المشروع "إنجاز كبير في حد ذاته"، مشيرا إلى أن مناقشة مشروع هذا القانون التنظيمي للإضراب لم تكن سهلة، فقد تمت المشاورات من خلال انعقاد 70 اجتماعا في 22 شهرا، منها 30 اجتماعا مع كل القطاعات الحكومية؛ وحوالي 40 اجتماعا مع النقابات ومع الفرق البرلمانية للأغلبية والمعارضة.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن "القانون التنظيمي للإضراب من شأنه أن يقدم رؤية أكثر وضوحا للمستثمرين"، مشيرا إلى أن "الصيغة الحالية للقانون التنظيمي للإضراب أفضل بكثير من الصيغة الأولى (صيغة 2016)".

مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة