إفريقيا
الرباط .. مؤتمر يبحث سبل القضاء على الفساد بإفريقيا
18/10/2022 - 15:01
مصطفى أزوكاحفي ورقة تقديمية للمؤتمر الدولي الثاني للحكامة الجيدة ومكافحة الفساد الذي ستشهده الرباط يومي الأربعاء والخميس 19 و20 أكتوبر 2022 ، والمنظم من قبل جمعية #أوقفوا الفساد #StopCorruption والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بشراكة مع الجامعة الدولية للرباط، يجري التأكيد على أن "ممارسات الفساد تتطور وتتعقد بشكل متزايد باستغلال الثغرات والاختلالات التي تعاني منها أنظمة الحكامة والتدبير العمومي والاستفادة من التطور التكنولوجي وتعقد الترابط بين الشبكات المالية في القيام بأفعال غير مشروعة".
ويبقى طموح هذا المؤتمر، الذي كان من المقرر مبدئيًا عقده في مارس 2020، وتم تأجيله بسبب انتشار وباء كورونا، والمنظم تحت شعار: " الوقاية من الفساد ومحاربته: تحدي أمام تنمية القارة الإفريقية، جواب على الانتظارات المشروعة للشباب"، هو خلق روابط وتقارب بين الفاعلين المعنيين، بهدف استدامة النقاش حول هذه الموضوعات وإعطائها العمق اللازم لمساعدة صناع القرار وتحفيز دينامية قارية قوية، تحظى بدعم قادة الدول والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والنسيج الاجتماعي والمجتمع المدني والمنظمات الدولية العاملة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد.
تشير الورقة التقدمية للمؤتمر الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس إلى أن" قارتنا الافريقية، كما هو الشأن في مناطق أخرى من العالم، تعيش ذروة الغليان في ظل تناسل المطالب التي يتم التعبير عنها بأشكال تقليدية، ولكن أيضا بأشكال جديدة ومبتكرة بفضل تطور وسائل التواصل والشبكات الاجتماعية وذلك من أجل مزيد من الشفافية في تدبير الشأن العام، معبرة بذلك عن رفض كل أشكال خرق القانون، والامتيازات غير المستحقة والتفاوتات الاجتماعية والمجالية التي تترتب عن ذلك".
ويعتبر منظمو المؤتمر أن "الشباب معنيون (بالنظر لموقعهم في المجتمع) بكل جوانب الحياة الاجتماعية باعتبارهم مواطنين، طلبة، عمالا، ناخبين، وآباء. وباعتبارهم جيلا ينظر إلى المستقبل فهم معنيون بشكل مباشر أو غير مباشر بآثار الفساد".
وتضيف الورقة أن الشباب "معنيون بحاضر مجتمعاتنا ومستقبلها، في سياق عالمي يتفق فيه الجميع على أن الفساد يوجد على رأس قائمة العوامل التي تقوض أسس سيادة القانون، وتشجع اقتصاد الريع ومختلف أشكال الامتيازات والمحسوبية والزبونية، وهي أمور تدفع إلى طرح تساؤلات بشأن تكافؤ الفرص، بما في ذلك ما يتعلق بالوصول إلى وسائل إنتاج الثروة وتوزيعها بشكل عادل ومنصف".
وتحيل الورقة التقديمية على التقارير الوطنية والدولية حول التي تؤكد على الآثار المدمرة للفساد على التنمية، مما يؤدي إلى الحد من إمكانيات تحرير الطاقات المحلية واغتنام الفرص لضمان تنمية اجتماعية واقتصادية تتلاءم مع الإمكانات الحقيقية للبلدان والمجالات الترابية المحلية.
وتذكر بتقديرات المنظمات الدولية (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والأمم المتحدة، والبنك الأفريقي للتنمية، وغيرها)، التي تنبه إلى التأثير الاقتصادي للفساد، على المستوى العالمي والقاري.
وتسجل أن التقارير تتقارب في ما يخص الأرقام والمبالغ الفلكية، التي تتراوح من 1500 إلى 2000 مليار دولار سنويًا، تُدفع تحت الطاولة على نطاق عالمي، أي ما يناهز 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتفيد أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، قدرت منذ عدة سنوات، تكلفة الفساد في إفريقيا بأكثر من 146 مليار دولار سنويًا، أي أكثر من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، فيما قدر الأونكتاد عن التنمية الاقتصادية في أفريقيا لسنة 2020، الأموال التي يتم تهريبها خارج القارة بشكل غير مشروع بـ 88.6 مليار دولار. وهو مبلغ يتجاوز حجم المساعدات العمومية للتنمية والاستثمار ات الأجنبية المباشرة التي تتلقاها إفريقيا كل سنة.
وتؤكد على أن " الوضع، على العموم، لا يتحسن، حيث يتفاقم الفساد في سياق يتم فيه استغلال انفتاح الأسواق وتعقد المنظمات (والشبكات) والتقدم التكنولوجي بشكل كامل لخدمة الممارسات الفاسدة وغسل الأموال والجرائم المالية. وهو ما يستنزف وسائل التنمية ويهدد استقرار الدول والمنطقة ككل".
وتذهب إلى أنه "على مدى السنوات الماضية، تقوت الرغبة في محاربة الفساد في القارة، حتى أنه تم تكريسها في أجندة أفريقيا 2063. رغبة مدعومة بخلق أطر قانونية شاملة، من قبيل اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن منع الفساد ومكافحته، التي صادق عليها المغرب في عام 2022".
ولاحظت أنه من أجل تكريس ذلك الوعي تم تحديد سنة 2018 "سنة مكافحة الفساد في أفريقيا"، حيث تم خلالها التركيز على فعالية المقاربات المتبعة حتى الآن لمكافحة الفساد في القارة، وبالتالي على الإجراءات المستهدَفة الرامية إلى تعزيز العمل الأفريقي الشامل والمندمج، الذي يجعل من مكافحة الفساد التزامًا من أجل إحداث التغيير في القارة.
وأضافت أنه في مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، في دورته الحادية والثلاثين التي عقدت في 2018، اعتمد إعلان نواكشوط بشأن السنة الأفريقية لمكافحة الفساد.
وذكرت بأنه بهذه المناسبة كان جلالة الملك محمد السادس، قد بعث برسالة إلى المشاركين أكد فيها أن “الفساد يساهم في الانحراف بقواعد الممارسة الديمقراطية، وفي تقويض سيادة الحق والقانون؛ كما يؤدي إلى تردي جودة العيش، وتفشي الجريمة المنظَّمة، وانعدام الأمن والإرهاب […] وأن مكافحة هذه الآفة تستدعي الاستفادة من جميع التجارب والخبرات، في إطار رؤية موحدة ينخرط فيها جميع الشركاء […] وبالتالي، ينبغي أن نضع محاربته في صميم أولوياتنا، طالما أنه يشكِّل أكبر عقبة تعيق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحد من طموح شبابنا"، مضيفة أن محاربة الفساد شكلت محورا أساسيا في عدة خطب ملكية.
وتوقفت الورقة التقديمية عند ما اعتبرته التزام العديد من البلدان الأفريقية لمواجهة الظاهرة من خلال استراتيجيات لمكافحة الفساد، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب، الذي أطلق استراتيجيته الوطنية لمكافحة الفساد منذ أواخر سنة 2015، معتبرة أن العديد من هذه البلدان، حققت تقدمًا ملموسا وتمكنت من تسجيل درجات أعلى من المتوسط في المؤشرات الدولية، بل أعلى أحياناً من الدول المتقدمة في هذا المجال، كرواندا، وبوتسوانا، والرأس الأخضر، وجزر سيشيل وناميبيا.
وتشير الورقة التقديمية إلى أن جائحة كوفيد -19، كشفت أنه في حالة الأزمات، تزداد ممارسات الفساد، وأن تأثيراته على التدبير العمومي وخاصة على الأشخاص في وضعية هشاشة وخيمة جدا، مضيفة أن نتائج الأزمة الصحية، كانت في قلب مختلف التقارير الدولية التي تناولت الوضع من حيث علاقتها بالفساد، مع اتفاق هذه التقارير ولا سيما تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على هشاشة نظم البلدان الأكثر تضررا من هذه الظاهرة، وعلى عدم قدرتها على الاستجابة لاحتياجات سكانها لمواجهة متطلبات إدارة الأزمات، فضلا عن مخاطر تفشي أفعال الفساد، بسبب الوضعية الاستعجالية والطابع الفوري للقرارات التي يتعين اتخاذها لتدبير الوباء.
وتشارك في المؤتمر شخصيات رفيعة المستوى من أوروبا والمغرب ومن كل أفريقيا. وسيتخلل هذه التظاهرة العديد من ورشات العمل حول التحول الاقتصادي، ودور المؤسسات الدولية والإقليمية، والاستراتيجيات التي تنفذها الدول، وتعبئة المجتمع المدني. و ستشكل الأعمال المنجزة خلال هذه الندوة والأوراق المقدمة من الشركاء المشاركين مادة غنية للتفكير سيتم تعزيزها وتوسيعها وتعميقها على مدي يومين من خلال خبرات ومهارات المتدخلين في مختلف الورشات الموضوعاتية.
مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
مجتمع
مجتمع