اقتصاد
دعوة لتوفير شروط العمل اللائق للشباب والنساء
20/02/2024 - 15:57
وئام فراجوفي هذا الإطار، أوضحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أن سوق الشغل الوطني يتميز بهيمنة العمالة غير المهيكلة، التي تعد عمالة هشة وذات دخل محدود وتتميز بتفاوتات كبيرة على مستوى عدد ساعات العمل والأجور والإنتاجية.
قطاعات هشة
وأشارت بوعياش، في كلمتها خلال اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى أن البيانات الرسمية تُظهر أن العاملين في القطاع غير المهيكل يشتغلون 145 ساعة أكثر في المتوسط السنوي من نظرائهم في القطاعات المهيكلة والمنظمة، بينما يحصلون على أجر متوسط أقل بخمسة أضعاف.
ويطرح هذا الوضع، وفق بوعياش، تحديا حقيقيا، لكونه يمنع فئات عريضة من المواطنين من التمتع بحقهم في عمل لائق، يحفظ كرامتهم، وخاصة النساء والشباب إضافة الى فئات واسعة من المهاجرين الذين يعانون من هشاشة متعددة الأبعاد.
ولفتت، في هذا الإطار، إلى استمرار ضعف معدل تشغيل النساء، إذ يصل إلى 29,7 في المائة فقط على المستوى الوطني، فضلا عن ارتفاع نسبة العمالة النسوية غير المهيكلة إلى 67,6 في المائة من إجمالي العمالة النسوية.
وأبرزت أن النساء يعملن بشكل أكبر في مجالات الفلاحة والصيد البحري والخدمات التجارية، "وهي القطاعات ذات القيمة المضافة الضعيفة، والأجور المنخفضة"، فيما تعد فرص العمل الموجهة لفئة الشباب قليلة وغير قادرة على امتصاص البطالة في صفوف هذه الفئة وغير ملائمة.
وبعدما أشارت إلى الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة لتطوير النشاط الاقتصادي وتنويعه وجذب الاستثمار الخاص لخلق مزيد من فرص العمل، أكدت بوعياش أن هذه الإجراءات لم تساهم في سيادة العمل اللائق، وتقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل.
وأكدت أن تحقيق فعلية العمل اللائق، يتطلب، إدماجه كعنصر محدد للتنمية، وأحد معايير السياسة العمومية، وذلك من خلال توفير الضمانات القانونية أولا، والاجتماعية التي تحمي حقوق العمال وتعزز العمل اللائق، وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لمكافحة كافة أشكال التمييز المرتبطة بالنوع الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، مشددة على ضرورة وضع تدابير داعمة لتوفير فرص التدريب والتأهيل المهني لتحسين فرص توفير العمل اللائق.
120 ألف منصب شغل إضافي
بدوره، تطرق وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، إلى مجموعة من الإشكاليات التي مازالت تواجه المملكة في هذا الإطار، موضحا أن القدرات الإنتاجية للمغرب من مناصب الشغل لا تتجاوز 150 إلى 180 ألف منصب شغل سنويا عندما تكون كافة الظروف ملائمة ودون أزمات.
وأضاف مزور، في كلمته، أن الاحتياجات السنوية تفوق 300 ألف شاب وشابة يرغبون في ولوج سوق الشغل، ما يستدعي خلق 120 ألف منصب شغل إضافي إضافة إلى 80 ألف منصب شغل آخر سنويا لامتصاص البطالة وتهييئ فرص الشغل للنساء والشباب العاطلين.
وأكد الوزير أن هذا الأمر يتطلب مضاعفة قدرات الاقتصاد لإنتاج هذه المناصب، فضلا عن خلق مناصب شغل تليق بالمستوى التعليمي لعدد خريجي التعليم العالي الذي يصل سنويا إلى 180 ألفا.
ووعد مزور بالصرامة اللازمة في احترام شروط الشغل اللائق، مؤكدا، في السياق ذاته، على أهمية التوفر على اقتصاد في مستوى الكفاءات التي تتوفر عليها المملكة.
وأكد أن المغرب يتجه نحو خلق القيمة المضافة عبر فتح الأسواق ودعم التنافسية وتبسيط المساطر ودعم الاستثمار والاشتغال على الكفاءات، فضلا عن دعم علامة صنع في المغرب مع تعزيز ثقة المستهلك المغربي فيها.
توفير شروط الشغل اللائق
من جانبه، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضا الشامي أن العمل اللائق لا ينبغي أن يكون امتيازا ممنوحا أو معاملة تفضيلية يستفيد منها بعض العاملين، مبرزا أنه يوجد في صميم الحقوق الأساسية والممارسات الجيدة التي تؤكد عليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بجودة الشغل.
وأشار الشامي، في كلمته خلال أشغال الدورة الثامنة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية المنظمة تحت عنوان "العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة"، أن دستور المملكة والتشريع الاجتماعي الوطني وضع عددا من الضمانات والمقتضيات التي من شأنها توفير شروط الشغل اللائق والكريم، بما في ذلك المساواة في الولوج إلى فرص الشغل، وتأمين أجور منصفة من خلال تقنين الحد الأدنى للأجر وإبرام اتفاقيات الشغل، والحق في التغطية الصحية والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
وأضاف أن المغرب قام بالعديد من المجهودات من أجل النهوض بمقومات العمل اللائق في القطاعين العام والخاص، وذلك عبر تجويد المنظومة التشريعية والتنظيمية والسهر على تفعيل مقتضياتها، ومن خلال مجموعة من البرامج والتدابير التحفيزية التي تدعم التشغيل والشغل داخل المقاولة، والرفع من الحد الأدنى للأجور بالنسبة للموظفين والعاملين في القطاع الخاص.
غير أنه، يقول مستدركا، يلاحظ في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية، وانعكاسات تقلبات الأسعار الدولية على نشاط النسيج المقاولاتي، والتراجع في عدد مناصب الشغل التي يحدثها الاقتصاد الوطني في السنوات الأخيرة، أن "خلق فرص الشغل والحفاظ عليها لكي تصبح مناصب شغل مستقرة وذات جودة يبقى من بين التحديات الملحة التي ينبغي مواجهتها".
وأشار الشامي إلى أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي تؤكد أن 67,6 في المائة من العاملين في المغرب يشتغلون في القطاع غير المنظم، و73,1 في المائة من النساء توجد خارج سوق الشغل، مبرزا أن تقديرات بنك المغرب تفيد بأن القطاع غير المنظم يمثل 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
دعم المقاولات الصغرى
وفي هذا الإطار، قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مجموعة من التوصيات للحد من الشغل غير اللائق وخلق فرص شغل حقيقية؛ على رأسها دعم الاستثمار لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل وذلك من خلال تعزيز البرامج الموجهة لدعم إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا ومواكبة هذه المقاولات التي لديها إمكانات الارتقاء والنمو.
كما أوصى بتحفيز التشغيل الجمعوي والتشغيل في القطاع الثالث بما في ذلك الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إضافة إلى التموقع في الأنشطة الصناعية المستقبلية كالمجال الرقمي والتكنولوجيات الحيوية والاقتصاد الأخضر، واستثمار الإمكانات التي تتيحها الصناعات الثقافية والإبداعية، مشيرا إلى وجود مجهود ملحوظ في هذا الصدد في إطار ميثاق الاستثمار الجديد.
ودعا الشامي، في هذا الإطار، إلى إرساء العمل اللائق حسب الاتفاقيات المنبثقة من منظومات العمل الدولية ووضع إطار تحفيزي يساعد المقاولات على تحسين جاذبية بيئة العمل وخلق فضاء مواتي للإنتاجية والتنافسية والإبداع.
مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد