مجتمع
كيف تفسر مندوبية التخطيط وجود شباب خارج منظومة الشغل والتعليم؟
15/05/2024 - 13:49
وئام فراج
سعت المندوبية السامية للتخطيط إلى حصر العوامل المساهمة في وجود الآلاف من الشبان والشابات خارج منظومات التعليم والتكوين والشغل أو ما يعرف بـ"شباب NEET"، وذلك بعدما حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من الأرقام المقلقة لهؤلاء الشباب.
أكدت مندوبية التخطيط في عدد جديد من مذكرتها "Les brefs du plan"، الصادر يوم الأربعاء 15 ماي 2024، أن مستوى التعليم والحالة الاجتماعية والعمر والجنس ومستوى تعليم رب الأسرة والجغرافيا كلها عوامل تؤدي إلى احتمالية وجود شباب في وضعية NEET.
عوامل أسرية
وأبرزت أن الأفراد بمستويات تعليمية منخفضة معرضون بشكل كبير لخطر الوجود في وضعية NEET، بحيث يعد مستوى التعليم عنصرا حاسما يؤثر على هذه الاحتمالية، وفق المندوبية.
وأشارت، في المقابل، إلى أن الشباب الذين حصلوا على مستويات أعلى من التعليم لديهم مخاطر أقل، مما يدل على الدور الأساسي للتعليم في التخفيف من حجم حالة NEET.
كما أظهرت دراسة المندوبية السامية للتخطيط أن العمر يعد عاملا حاسما أيضا في هذا الموضوع، مشيرة إلى زيادة انتشار حالة NEET بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 24 عاما.
ويشير هذا الاتجاه، وفق المندوبية، إلى تحديات محددة مرتبطة بالانتقال إلى سوق العمل أو متابعة التعليم العالي في هذا العمر، "مما يؤكد على الحاجة إلى تدخلات مستهدفة خلال هذه الفترة الحرجة من الحياة".
وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن الحالة الاجتماعية عامل مؤثر أيضا، خاصة بالنسبة للنساء المتزوجات اللاتي يصنفن أكثر عرضة للخطورة مقارنة بالرجال والنساء غير المتزوجات.
ويبدو أن النساء المتزوجات يواجهن تحديات فريدة من نوعها، وفق معطيات المندوبية، مثل زيادة المسؤوليات الأسرية، وقيود الوقت المتعلقة بإدارة الأسرة، والضغوط الاجتماعية المستمرة التي قد تحد من خياراتهن التعليمية والمهنية.
من جهة أخرى، تطرقت المندوبية السامية للتخطيط إلى المستوى التعليمي لرب الأسرة، الذي يشكل بحسبها، عاملا أساسيا أيضا في وجود "شباب NEET".
وأوضحت أن الأفراد من الأسر التي يرأسها رب أسرة بدون شهادة جامعية يشكلون خطرا متزايدا لكونهم لم يتعلموا ولم يعملوا من قبل، "مما يسلط الضوء على أهمية السياق الاجتماعي والاقتصادي والأسري في المسارات الفردية".
وبالإضافة إلى هذه العوامل، توصلت مندوبية التخطيط، في دراستها، إلى أن الجنس في حد ذاته عامل تمييزي، مع وجود احتمال أكبر أن تكون نسبة الشابات في وضعية "NEET" مرتفعة مقارنة بالشباب.
وشددت المندوبية على الحاجة إلى مضاعفة الجهود لتعزيز المساواة بين الجنسين في الحصول على التعليم والعمل، من أجل الحد من الفوارق المسجلة في مشاركة المرأة في سوق العمل.
تشجيع وصول النساء للتعليم والتدريب
وللحد من تزايد عدد الشابات في وضعية NEET (بدون تعليم أو تكوين أو عمل)، دعت مندوبية التخطيط إلى تشجيع الوصول إلى التعليم والتدريب، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي ليست لديهن شهادة جامعية.
وأوضحت أنه يمكن للمجتمع، من خلال الاستثمار في تعليمهن، أن يساعد في الحد من عدم المساواة وتوفير آفاق مستقبلية أفضل لهؤلاء الشابات، مما يفتح المزيد من الفرص للنجاح الشخصي والمهني.
وأكدت المندوبية أن تخصيص عدد ساعات عمل مرنة للنساء يعد أحد العناصر الأساسية لدعم المرأة المتزوجة من أجل تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، مبرزة أن هذه الخطوة من شأنها السماح للنساء بالموازاة بين مسؤولياتهن العائلية والتزاماتهن المهنية أو الأكاديمية.
كما خلصت المندوبية إلى أن توفير إجازة أمومة ممتدة ومراكز رعاية نهارية سهلة الولوج، سيمكن النساء من التوفيق بشكل أفضل بين دورهن كأمهات وتطلعاتهن المهنية، وبالتالي تعزيز تمكينهن اقتصاديا.
البعد الجغرافي
من جهة أخرى، ترى المندوبية السامية للتخطيط أن البعد الجغرافي له دور مهم في زيادة عدد الشباب العاطلين عن العمل وغير الحاصلين على أي تكوين أو تدريب، مشيرة إلى تسجيل فوارق إقليمية كبيرة بين هؤلاء الشباب.
وتمثل جهة الشرق (28,1 في المائة)، وبني ملال خنيفرة (30,6 في المائة) معدلات أعلى من حيث عدد الشباب غير الحاصلين على تعليم أو تدريب مهني وتقني مقارنة بالمناطق الأخرى، ويرجع ذلك على الأرجح، حسب معطيات المندوبية، إلى الاختلافات في التنمية الاقتصادية وفرص العمل بين المناطق.
وشددت على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هذه الفوارق الجغرافية عند وضع السياسات والبرامج التي تهدف إلى الحد من وضعية NEET بين الشباب، مشيرة إلى إمكانية اتخاذ تدابير محددة لتعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق الأكثر تضررا، وتحسين الوصول إلى التعليم والتدريب، فضلا عن تعزيز خلق فرص العمل على نطاق محلي يتكيف مع احتياجات وخصوصيات كل منطقة.
يشار إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كشف عن وجود الآلاف من الشبان والشابات لا مكان لهم في منظومات التعليم والتكوين والشغل، أي أنهم غير مندمجين اجتماعيا.
واعتبر رئيس المجلس أحمد رضا الشامي، في ندوة صحفية نظمها يوم الأربعاء 8 ماي 2024، لتقديم رأيه حول وضعية فئة من الشباب، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، ويوجدون خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين ولا يبحثون عن الشغل لعدة أسباب، أو ما يعرفون بـ"شباب NEET"، أن الأرقام المسجلة في صفوف هؤلاء الشباب مقلقة.
وأبرز أن هذا الرقم يرتفع وسط الفئات العمرية بين 15 و34 سنة إلى 4,3 مليون شاب وشابة، لافتا إلى أن النساء يشكلن ضمن هذه الفئة حوالي 73 في المائة، وهو ما دفع المندوبية السامية للتخطيط إلى تحليل وضعية هؤلاء الشباب وتقديم خلاصات حول أبرز العوامل المساهمة في هذا الوضع.

مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد