اقتصاد
إصلاح المقاصة .. هل سيؤثر على القدرة الشرائية للأسر؟
27/05/2024 - 09:30
وئام فراجشرعت الحكومة، ابتداء من يوم الاثنين 20 ماي 2024، في التقليص الجزئي من الدعم الموجه لقنينات غاز البوتان برسم سنة 2024، ما نتج عنه زيادة بـ10 دراهم في سعر قنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغرام. فهل سيؤثر هذا الإصلاح على القدرة الشرائية للمواطنين؟
أشار الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بعد تفعيل التقليص الجزئي والتدرجي لنفقات المقاصة، إلى أن الدولة خصصت بين 2015 و2023، حوالي 111 مليار درهم لدعم غاز البوتان عبر صندوق المقاصة.
وشدد على أن 20 في المائة من الفقراء لم يستفيدوا سوى من 2,5 مليار درهم من ذلك الدعم، أي 14 في المائة منه، بينما استفاد 20 في المائة من أصحاب الإمكانيات المالية من 27 في المائة من ذلك الدعم.
وأكد، خلال جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة الاثنين 20 ماي 2024 بمجلس النواب، أن القرار الذي هم غاز البوتان ليس تحريرا لأسعاره، بل هو إضافة عشرة دراهم، مضيفا أن السعر الحقيقي لقنينة الغاز من فئة 12 غرام، يصل إلى 88 درهم، ومؤكدا على أن الدولة ستواصل دعم هذه المادة بحوالي 35 درهم.
16,35 مليار درهم
وخفضت الحكومة الاعتمادات المخصصة للمقاصة في مشروع قانون مالية العام الحالي إلى 16,35 مليار درهم، بعدما سبق أن خصصت عبر قانون المالية لسنة 2023 اعتمادات مالية إجمالية تقدر بـ26,58 مليار درهم، لتغطية تكلفة صندوق المقاصة، من أجل دعم أسعار غاز البوتان، ومادتي السكر ودقيق القمح اللين.
ويرتقب أن يصل سعر قنية غاز البوتان من فئة 12 كيلوغرام إلى 70 درهما في أفق 2026، على اعتبار السعر، بحيث سيرتفع الثمن بعشرة دراهم سنويا في العامين المقبلين، وذلك بعد الزيادة التي كانت موضوع بلاغ من وزارة الاقتصاد والمالية.
وفي هذا الإطار، أكد الخبير الجبائي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، محمد الرهج، أن الدولة أخذت على عاتقها منذ سنوات دورا اجتماعيا يكمن في دعم مجموعة من المواد الأساسية التي تدخل في استهلاك المغاربة عبر صندوق المقاصة، قبل أن تبدأ في التخلي تدريجيا عن هذا الصندوق، بداية بالمواد البترولية خلال حكومة عبد الإله بنكيران، والآن على مستوى الغاز.
وتساءل الرهج، في تصريح لـSNRTnews، عن مدى قدرة جميع الأسر على تحمل هذه الزيادة، وذلك رغم المساعدات التي تقدمها الدولة عبر الدعم الاجتماعي المباشر والمتراوحة بين 500 و1200 درهما، معتبرا هذه المساعدات "غير كافية" لسد احتياجات الأسر الفقيرة.
"اصطياد الفرص"
وأبرز أن رفع الدعم عن صندوق المقاصة لن يؤثر على الطبقة الغنية، فيما ستتضرر الطبقة الوسطى شيئا ما خصوصا الطبقات الوسطى السفلى التي أصبحت منهكة بالزيادة في الأثمان والتضخم المسجل مباشرة بعد جائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية، ومشكل الشرق الأوسط.
أما الأسر الفقيرة المقدرة بحوالي 25 مليون مغربي، يضيف الرهج، فستتأثر حتما برفع الدعم عن صندوق المقاصة، ولن يكفيها الدعم الموجه لها لسد حاجياتها، "خصوصا الأسر ذات الدخل المحدود والتي لا تتقاضى أجرا ثابتا، بحيث كان الهدف من صندوق المقاصة مساعدة هذه الأسر وتخفيف عبء هذه الأثمان عنها".
وحذر الخبير الاقتصادي من " اصطياد الفرص"، من قبل بعض الباعة الذين بدأوا يلوحون بالزيادة في أسعار مجموعة من المواد إثر زيادة 10 دراهم في قنينة الغاز الكبيرة، ليكون بذلك المستهلك النهائي هو المتضرر من هذه الإجراءات.
صدمة تضخمية داخلية؟
أكد الأستاذ والباحث في قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بدر الزاهر الأزرق، أن إصلاح منظومة الدعم المتعلقة بصندوق المقاصة كان منتظرا منذ بداية السنة الجارية، مشيرا إلى أن الحكومة قررت تأجيل الشروع في هذا الإصلاح إلى حين حصد أولى ثمار منظومة الدعم المباشر من أجل عدم خلق حالة من الصدمة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي المغربي.
وأوضح الأزرق، في تصريح لـSNRTnews، أن التريث كان ضروريا من أجل تهيئة القدرة الشرائية للمواطنين، وتحمل الضغوط التي قد تنجم عن هذه الزيادات، مشيرا إلى هذه الضغوط قد تأتي في شكل صدمة تضخمية داخلية.
وفي ما يتعلق بوقع هذا الإصلاح على القدرة الشرائية للمغاربة، أبرز الأزرق أن الاستهلاك المنزلي للغاز لا يتعدى 40 في المائة من حجم الاستهلاك العام، في حين أن 60 في المائة تتوجه للصناعة والفلاحة والفنادق والخدمات وغيرها، متوقعا ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية كرد فعل للزيادة في سعر غاز البوتان، على غرار أسعار الخضروات التي دخلت في نسق تضخمي خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما شهدت تراجعا بعد شهر رمضان.
ونبه الأزرق من تضخم عام في المغرب بسبب الزيادة في الأسعار، مؤكدا أن هذا الأمر قد يدفع الحكومة للبحث عن صيغ جديدة من أجل تلطيف هذه الزيادات، بحيث عملت كإجراء أولي، يقول الباحث في الاقتصاد، على إقرار زيادة في الأجور ابتداء من شهر يوليوز المقبل، إلا أن "التوقعات اليوم رهينة بما سيحدث على أرض الواقع".
وتابع بأن المعطيات الدقيقة بخصوص منحى هذه الزيادات لا يمكن التكهن بها الآن، "إذ يجب على الأقل انتظار مرور الثلاثة أشهر الأولى ليتم الحسم في مسألة التضخم الجزئي أو العام، ومدى تأثير هذه الزيادة على القدرة الشرائية للمواطنين، ما سيضطر الحكومة للتفكير في آليات جديدة لكبح جماح التضخم الداخلي".
كما ستشكل أثمان الغاز في السوق الخارجي، يضيف الأزرق، أحد أهم العوامل المحددة من أجل المضي في سياسة رفع الدعم، "خاصة أن أسعار الغاز تشهد استقرارا نسبيا على المستوى الخارجي، إلا أن إمكانية حدوث اضطراب تبقى واردة ما سيجعل الحكومة تضخ مزيدا من الدعم للمقاصة".
وشهد مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، خلال شهر أبريل 2024 ارتفاعا بـ0,2 في المائة مقارنة مع شهر مارس 2024 وبـ2,2 في المئة بالمقارنة مع شهر أبريل 2023، وفق آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد