مجتمع
كيف يقيم الأساتذة وأولياء أمور التلاميذ تجربة التعليم عن بعد؟
23/05/2021 - 09:56
وئام فراجعلى بعد أيام قليلة من انطلاق الامتحانات الإشهادية بمختلف المؤسسات التعليمية، يتساءل فاعلون في المجال التعليمي عن مدى استعداد هؤلاء التلاميذ في ظل اعتماد نمط تعليمي مختلف للعام الثاني على التوالي، مبرزين أنه رغم إيجابيات هذا الإجراء في فرضته جائحة "كورونا"، إلا أنه مازال يواجه العديد من الإكراهات.
قلة الإمكانيات
يرى نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء أمور التلاميذ بالمغرب، أن اعتماد التعليم عن بعد كبديل للتعليم الحضوري لضمان الاستمرارية البيداغوجية، عرف عدة إكراهات أعاقت نجاحه، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
وأوضح عكوري، في تصريح لـSNRTnews، أن هذا النمط الجديد من التعليم يتطلب إمكانيات عديدة لإنجاحه، خصوصا في العالم القروي والمناطق التي مازالت تعاني من الهشاشة، مشيرا إلى أن العديد من الأسر لا تتوفر على الوسائل والمعدات التكنولوجية التي من شأنها مساعدة التلميذ على متابعة دروسه عن بعد.
واستثنى من ذلك الدروس المقدمة عبر القنوات الرسمية، التي تمكن من متابعتها أغلب التلاميذ، ما عدا ذلك، يضيف عكوري، لم تُأت باقي الوسائل التي تعتمد على قنوات التواصل الاجتماعي أو الأقسام الافتراضية أكلها، وفق تعبيره.
وأبرز المتحدث ذاته أن ما يعيق نجاح هذه التجربة هو صعوبة وجود أقسام افتراضية في كل مؤسسة، مبرزا أن تقنية التعليم عن بعد تتطلب صبيب إنترنيت عال، والتمكن من إحصاء كافة التلاميذ التابعين للمؤسسة لمعرفة أنهم يتواصلون بالفعل مع أساتذتهم.
من جهة أخرى، ذكر عكوري بلحظة تخيير وزارة التربية الوطنية الأسر بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، بدءا من الموسم الدراسي الحالي، مبرزا أن "أغلب الأسر أو كلها اختارت الحضوري بعد التعبير عن عدم رضاها عن نتائج التعليم عن بعد".
وأكد المتحدث ذاته أن تجربة التعليم عن بعد لم تلق نجاحا مهما على الصعيد الدولي أيضا، رغم الإمكانيات التي تتوفر عليها باقي الدول، خاصة في السلك الابتدائي الذي يتطلب مواكبة مستمرة للتلميذ من طرف أساتذته وأسرته.
"كما أن فترة المراهقة التي يمر منها تلاميذ السلك الثانوي الإعدادي، تتطلب أيضا مرافقة يومية وتوجيها مستمرا، إضافة إلى مصاحبة الأسرة وهو الأمر الذي لم تتمكن العديد من الأسر من تحقيقه"، يقول عكوري.
وأوضح، في هذا الإطار، أن "أسلوب حياة العديد من الأسر وتوقيت العمل لم يكن يسمح بمواكبة هؤلاء التلاميذ لحظة تلقي الدروس عن بعد، فضلا عن أسر أخرى غير متعلمة ولم يكن لها إلمام بهذا الدور".
وشدد رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء أمور التلاميذ بالمغرب على أن التعليم عن بعد أو بالتناوب جاء ليسد الفراغ في ظل تفشي فيروس كورونا، الذي يستدعي تحقيق السلامة الصحية للتلاميذ والأساتذة، "إلا أنه لم يحقق الأهداف التعليمية والتعلمية التي نبتغيها لأبنائنا"، يقول عكوري.
تهاون التلاميذ
للأساتذة أيضا آراء متباينة حول تجربة التعليم عن بعد، والتعليم بالتناوب المعتمد حاليا، إلا أن أغلبهم يُجمع حول صعوبة تحقيق الأهداف المنشودة من هذا النمط التعليمي في ظل غياب مراقبة ومواكبة يومية للتلاميذ.
وفي هذا الإطار، تؤكد ابتسام علواوي، أستاذة العلوم الفيزيائية في السلك الثانوي الإعدادي بإحدى المؤسسات التعلمية بالقنيطرة، أن التلاميذ يدرسون للسنة الثانية على التوالي في وضعية استثنائية، مازالت تشهد عدة إكراهات تعيق نجاح العملية التعليمية والتعلمية.
وأوضحت علواوي، في تصريح لـSNRTnews، أن التلاميذ لم يعتادوا على التعليم عن بعد، خاصة الذين لا يتوفرون على إمكانيات مادية تيسر هذه العملية، مثل القاطنين بالمناطق الهشة، أو في العالم القروي.
ولمست أستاذة العلوم الفيزيائية، من خلال تجربتها، أن نسبة كبيرة من التلاميذ لم تظهر تجاوبا إيجابيا مع هذا النمط التعليمي، نظرا لتعودها على أسوار المؤسسة، وعلى أسلوب معين في التلقين.
وأوضحت علواوي أن غياب التلميذ عن الأقسام الدراسية يخلق نوعا من الخمول، مؤكدة تسجيل تهاون في الحصص الحضورية، كما تطرقت في هذا الإطار إلى ضيق الحيز الزمني المخصص للدروس الحضورية، "ما يعيق استفادة التلاميذ ويطرح تساؤلا حول مدى جاهزيتهم للامتحانات السنوية".
من جهته، يرى عماد نافل، أستاذ اللغة الفرنسية في مدينة تاونات، أنه في ظل جائحة كورونا، كان التعليم عن بعد البديل الوحيد لاستمرار الدراسة، "لكن مع غياب المواكبة بات التلاميذ يعتبرون التحصيل الذاتي بمثابة عطلة يستريحون فيها".
وأبرز نافل، في تصريح لـSNRTnews، أن 5 في المائة فقط من التلاميذ الذين يدرسهم يتابعون دروسهم في المنزل، موضحا أن هذا الأمر يعود لعدم توفر العديد منهم على إمكانيات مادية تسمح لهم بمتابعة الدروس، "ما يستدعي بذل مجهودات إضافية للتواصل مع التلاميذ وإيصال الدروس لهم".
صعوبة إكمال المقرر الدراسي
الأمر ذاته عبر عنه عبد العالي سعدان، أستاذ مادة التربية الإسلامية بإحدى الثانويات الإعدادية في مدينة تمارة، مبرزا أن أغلب الأساتذة لمسوا نوعا من التراخي عند التلاميذ بسبب قلة تواصلهم المباشر مع الأساتذة.
ومن بين الإكراهات التي واجهت الأساتذة خلال هذه المرحلة، يضيف سعدان، صعوبة إكمال المقرر الدراسي عبر اعتماد نظام التفويج والتعليم عن بعد، موضحا أنه لا يرى الفوج الأول إلا بعد مرور 15 يوما، ما يجعله يضطر لإعادة الدرس مرتين، عوض الاستفادة من درس جديد.
وأكد أن هذا المشكل يتعلق أساسا بالمواد التي تُدرس ساعتين في الأسبوع فقط، مثل التربية الإسلامية وعلوم الحياة والأرض والعلوم الفيزيائية.
وشدد سعدان، في حديثه مع SNRTnews، على ضرورة تخصيص تكوينات وتوجيهات متواصلة لفائدة الأساتذة والتلاميذ من أجل إنجاح هذا النظام التعليمي، داعيا الوزارة إلى توفير معدات تكنولوجية لكل أستاذ ولكل تلميذ من أجل تسهيل عملية التواصل، وتحقيق تكافؤ الفرص بين المتعلمين.
وفي مقابل هذه التصريحات، أكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، أن 71 في المائة من المتعلمات والمتعلمين عبروا عن ارتياحهم للتعليم عن بعد.
وأوضح أمزازي في رده على سؤال حول تقييم التعليم عن بعد بمجلس النواب، يوم الاثنين 04 يناير 2021، أن الوزارة عازمة على إعطاء هذا الورش الأهمية اللازمة، معلنا مأسسة التعليم عن بعد ليكون مكملا للتعليم الحضوري، تماشيا مع المادة 33 من القانون الإطار للتربية والتكوين.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع