اقتصاد
هل تعزّز علامة "صنع في المغرب" الإنتاج المحلي؟
26/04/2021 - 09:38
وئام فراجسبق لوزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي أن صرح أن المغرب يطمح إلى خفض قيمة المنتجات المستوردة من 183 مليار درهم سنويا إلى 100 مليار درهم، للتمكن من إنتاج 83 مليار درهم محليا. واعتبر مراقبون للشأن الاقتصادي أن هذا الهدف تراهن عليه المملكة منذ سنوات، إلا أن تحقيقه يتطلب إرادة جدية، عبر التركيز على الاستثمار في القطاعات الواعدة.
تقليص العجز التجاري
أكد الخبير الاقتصادي محمد الشرقي أن استراتيجية تعويض الواردات بالإنتاج المحلي ستمكن من تقليص العجز التجاري بالمغرب، مشيرا إلى أن المملكة تنفتح على مختلف الدول الاقتصادية، عبر عقد اتفاقيات للتبادل الحر واتفاقيات تجارية مع ما يقارب 45 دولة، "إلا أن هذا الانفتاح لم يساعد المغرب في تعزيز تجارته الخارجية".
وأوضح الشرقي، في حديثه مع "SNRTnews"، حول إمكانية تعويض السلع المستوردة بمنتوجات محلية، أن هذا الأمر يرتبط أساسا بتوجيه الاستثمار والمستثمرين نحو القطاعات المربحة والتي ستمكنهم في الوقت نفسه من تطوير الاقتصاد المغربي.
وأبرز المتحدث ذاته أن المغرب لا يعاني من مشكل حجم الاستثمار بقدر ما يعاني من "توجيه الاستثمار"، مشددا على ضرورة إعادة تكوين رجال الأعمال في هذا المجال، بشكل يمكنهم من تحقيق الربح المادي وتطوير الاقتصاد الوطني، في الآن ذاته.
وحول القطاعات التي يمكن التركيز عليها لتحقيق هذا الهدف، أشار الخبير الاقتصادي إلى وجود قطاعات عديدة تتطلب مزيدا من الاهتمام من قبيل قطاع النسيج الذي كان المغرب رائدا فيه قبل 30 سنة، فضلا عن القطاعات المرتبطة بالمواد الغذائية ومواد التجهيز والبناء، ومواد الأشغال، التي ستمكن المغرب من توفير ملايير الدراهم.
وأوضح الشرقي، في هذا الإطار، أن تعزيز هذه القطاعات، سيمكن من خلق مزيد من فرص العمل، كما سيساهم في تقليص العجز التجاري، والاستغناء عن استعمال الاحتياط النقدي.
وبالإضافة إلى ذلك، ستمكن هذه الخطوة، وفق المتحدث ذاته، من توسيع صادرات المنتوجات المغربية نحو الأسواق الخارجية، خاصة داخل القارة الإفريقية.
توفير ظروف مناسبة للاستثمار
من جهته، يرى رشيد أوزار، باحث اقتصادي في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن تعويض الواردات بالإنتاج المحلي ليس بسياسة جديدة على المغرب، مبرزا أن نجاحها يتوقف على تطوير النسيج المحلي، خاصة في بعض القطاعات المتعلقة بالصناعة الغذائية والنسيج.
وأوضح أوزار، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن المقاولين الشباب في حاجة اليوم إلى توفير الظروف المؤسساتية المناسبة للاستثمار، فضلا عن تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الكفاءات البشرية، للتمكن من تحسين جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية.
كما تطرق المحلل الاقتصادي إلى ضرورة تخفيف الدولة من العبء الضريبي على المقاولات المغربية لتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين والمقاولين على تقديم مبادرات استثمارية في القطاع الصناعي.
واعتبر المتحدث ذاته أن تعزيز المنتوج المحلي يتطلب أيضا تأهيل المناطق الصناعية، وتقديم عقارات بأثمنة مناسبة للمقاولات التي تسعى للاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
وركز أوزار، في حديثه عن وضعية المنتوج المحلي الوطني، على ضرورة تقديم منتوج مغربي بجودة جيدة وثمن مناسب لكسب رهان المنافسة، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، مشيرا إلى أن المغرب يعرف أزمة ثقة بين المستهلكين والمصنعين بسبب "نقص الجودة"، ما يجعل باقي الشركات الأجنبية تستحوذ على المبيعات داخل السوق الوطنية.
أزمة الثقة بين المستهلك المغربي والمصنع تطرق إليها أيضا الخبير الاقتصادي محمد الشرقي، مبرزا أن الإنتاج المغربي الموجه نحو التصدير، يتميز بالجودة والمعايير المناسبة للبيع، مقابل بعض المنتوجات المحلية الموجهة للسوق الوطنية، والتي لا تحترم وفق المتحدث ذاته، معايير الجودة اللازمة.
وأبرز الشرقي أن هذا الأمر يجعل المواطن المغربي يفضل المنتوجات الأجنبية ولا يشجع بدوره الصناعة المحلية.
وأوصى الخبير الاقتصادي، بضرورة الارتقاء بالإنتاج المحلي، عبر خلق قنوات تواصلية مع المستهلكين والمصنعين، والاشتغال أكثر على علامة "صنع في المغرب".
بنك المشاريع
أطلقت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، في 25 شتنبر 2020، بنك مشاريع بقيمة 34 مليار درهم من المنتجات "التي يمكن للمغرب أن يصنعها محليا بدل استيرادها واستنزاف رصيد العملة الصعبة"، بحسب تعبير الوزير مولاي حفيظ العلمي.
وتأتي هذه المبادرة المندرجة في إطار المخطط الجديد للإقلاع الصناعي 2020 -2021، لتعزيز المكانة الصناعية للمملكة، وتحفيز ريادة الأعمال بالمغرب وخارجه؛ إذ يقدم البرنامج فرصا استثمارية في مجالات عدة، من بينها الصناعات الغذائية، والنسيج والجلد والتنقل، فضلا عن الصناعات الكيماوية والبلاستيك والميكانيكية والكهربائية ومواد البناء.
وترى الوزارة أن هذه الخطوة ستمكن من تحقيق إنعاش صناعي لمرحلة ما بعد كوفيد 19، بعدما تضررت مقاولات عديدة بتداعيات الجائحة، وفقدان أزيد من 430 ألف منصب شغل.
وتعليقا على ذلك، يؤكد عادل المنيني، رئيس الجمعية المهنية للعلامات المغربية، أن الاقتصاد الوطني تأثر بشكل كبير بجائحة "كورونا"، مشيرا إلى أن أكثر من 40 في المائة من الشركات تضررت بالأزمة الصحية العالمية، كما أفلست معظم الشركات الصغرى، وقامت الشركات الكبرى بتسريح أكثر من 50 في المائة من مستخدميها للتخفيف من حدة الأزمة.
وأوضح المنيني، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن أول مشكل يعيق تطوير المنتوج المحلي هو عدم وجود قانون مؤطر للمستثمرين، ويفرض على المصنع تحديد معايير الإنتاج والجودة.
كما تطرق رئيس الجمعية المهنية للعلامات المغربية إلى مسألة تعقيد المساطر، التي لا تشجع بحسبه، المقاولين الشباب على الاستثمار، موضحا أن تسجيل العلامة التجارية يتطلب خطوات معقدة، يستعصي فهمها من طرف المقاول الصغير أو التعاونيات الناشئة.
مشكل التسويق أيضا يطرح بشكل كبير بين المقاولين الشباب، وفق المنيني، إذ يستدعي تعزيز الإنتاج المحلي تخصيص دعم للتسويق وإشهار المنتوج، مشيرا في هذا الإطار إلى أن 95 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمغرب لا تتوفر على إمكانيات لإشهار منتوجها.
ودعا رئيس الجمعية المهنية للعلامات المغربية، الجهات الوصية، إلى تشجيع الاستثمار في القطاعات التي أظهرت جائحة كورونا الحاجة إليها، من قبيل التكنولوجيا الحيوية، عبر التركيز على إنتاج أدوية ولقاحات تحمل علامة "صنع في المغرب" وتصديرها إلى الخارج.
قطاع علوم الرقمنة أيضا من بين الميادين، التي تستدعي التشجيع، بحسب المنيني، مشيرا إلى وجود العديد من الشباب يهتمون بإنشاء تطبيقات وخدمات إلكترونية، "لكن دون إطار مقاولاتي".
ويستدعي تحقيق هذه الأهداف، وفق الفاعل في المجال الاقتصادي، التوفر على قانون واضح، ومواكبة النسيج المقاولاتي المغربي، فضلا عن تقديم تسهيلات إضافية تحفز على الاستثمار، وترجع ثقة المواطن المغربي في منتوجات بلاده.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد