اقتصاد
ميزانية 2025 .. ما هي الهوامش المالية المتاحة للتحكم في العجز؟
12/08/2024 - 10:40
وئام فراجدعا رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في مذكرة توجيهية حول إعداد مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2025، إلى الحرص على التدبير الأمثل لنفقات الموظفين ونفقات التسيير والاستثمار، استمرارا في ضبط مسار المالية العمومية والتحكم في مسار عجز الميزانية في 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2024 و3,5 في المائة سنة 2025 و3 في المائة سنة 2026.
وشدد رئيس الحكومة، في المذكرة الموجهة إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين الساميين والمندوب العام، على أهمية ضبط حجم المديونية في أقل من 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام في أفق سنة 2026، بما يمكن من استعادة الهوامش المالية الضرورية لمواصلة مختلف الأوراش التنموية، مع الحفاظ على دينامية الاستثمار العمومي كرافعة أساسية لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية. وتوقع إثر ذلك تحقيق معدل نمو يناهز 4,6 في المائة سنة 2025، مقابل 3,3 في المائة سنة 2024.
تقليص النفقات
وفي هذا الإطار، يرى الأستاذ والباحث في قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بدر الزاهر الأزرق، أن التحكم في نسب العجز كان دائما يمر عبر 3 مداخل أساسية.
ويتجلى المدخل الأول، وفق الأزرق، في ترشيد النفقات والحكامة المالية، بحيث تؤكد مختلف المذكرات التأطيرية على مسألة التحكم في نفقات السفر ونفقات التكوين والتأطير والنقل والطاقة، والاعتماد على الطاقات البديلة بهدف تقليص فاتورة استهلاك الطاقة والماء على مستوى عدد كبير من الإدارات العمومية.
وأبرز الأزرق، في تصريح لـSNRTnews، أن تقليص النفقات الذي يهم أساسا الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية لا يعني المس بجودة الخدمات المقدمة أو العنصر البشري، بحيث يجب العمل في نفس الوقت على تحسين الأجور على غرار الاتفاق الأخير الذي جاء في إطار الحوار الاجتماعي.
أما المدخل الثاني، يضيف الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد، فيتعلق بتوجه نحو إيجاد تمويلات مبتكرة، موضحا أن الحديث عن عجز الميزانية يعني تسجيل عجز بين مستوى الإنفاق، ومستوى المدخول الذي تحققه الدولة بمختلف الأوجه ويأتي هذا العجز خصوصا عن طريق الديون والنفقات الاستثمارية.
وأشار إلى إيجاد مجموعة من الحلول منذ السنة الماضية لتجاوز هذا العجز، على غرار بيع الأملاك الخاصة بالدولة أو إعادة تأجيرها وغيرها من الحلول التي مكنت الحكومة من توفير هوامش مالية بهدف تغطية نفقاتها، لافتا إلى أن نفقات الاستثمار ارتفعت السنة الماضية بشكل كبير وستستمر في نهج مرتفع إلى حدود سنة 2030، بالنظر لوجود مجموعة من الأوراش الكبرى المفتوحة على غرار ورش الحماية الاجتماعية وورش التعليم وورش البنى التحتية الاقتصادية والرياضية التي تتطلب استثمارات كبيرة.
هوامش مالية كلاسيكية
من جهة أخرى، تعمل الحكومة على تمويل النفقات من خلال هوامش مالية كلاسيكية، يقول الأزرق، تتجلى أساسا في الموارد المتأتية من الضرائب وأملاك الدولة الخاصة والعامة المتأتية من عقود الامتياز وعقود التفويض الخاصة بالتدبير المفوض وغيرها، لافتا إلى أن الحكومة تسعى إلى توسيع الهوامش المالية مثلما تمت الإشارة إليه في المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة.
وفي ما يتعلق بالإصلاح الضريبي، أبرز الباحث الاقتصادي أن السنة المالية 2025 ستعرف الاستمرار في تنزيل مختلف توصيات المناظرة الوطنية المتعلقة بالإصلاح الضريبي، منها توسيع الوعاء الضريبي، مبرزا أن أهم مداخل الدولة تتأتى من الضرائب، إما الضريبة عن الدخل أو على الأرباح بالنسبة للشركات أو الضريبة على القيمة المضافة وغيرها.
ويرى، في هذا الإطار، أن توسيع الوعاء الضريبي يتطلب تقليص القطاع غير المهيكل الذي مازال يحتوي على حوالي 70 في المائة من الأنشطة الاقتصادية والتجارية بالمغرب دون منافع اقتصادية للدولة.
وخلص إلى أن الهوامش المالية الضرورية لمواجهة العجز متعددة، تتجلى أساسا في الإصلاح الضريبي والحلول المبتكرة واستخلاص الديون، فضلا عن محاولة تخفيف العبء على الاستثمار العمومي من خلال إشراك القطاع الخاص، "بحيث لا يمكن تحقيق الأهداف التنموية والاستثمارية بالتعويل فقط على الفاعل العمومي، ما يستدعي فتح الباب أمام الخواص عن طريق التحفيزات الضريبية ودعم الشركات الناشئة لتحقيق الأهداف التنموية والاستثمارية الكبرى المنشودة".
ترشيد نفقات الموظفين والتسيير
وحث رئيس الحكومة كافة الوزارات والمسؤولين بالقطاعات كل حسب تخصصه على إعداد مقترحات برسم مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025 حسب الأولويات المحددة مع الالتزام بضبط النفقات وفقا لمجموعة من التوجيهات.
وفي ما يتعلق بنفقات الموظفين، أكد أخنوش على ضرورة حصر المقترحات في الاحتياجات الضرورية لضمان تنزيل الأوراش الإصلاحية الملتزم بها، وتقديم الخدمات للمواطنين في أحسن الظروف، داعيا في هذا الإطار إلى العمل على الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتاحة، خاصة من خلال التكوين، والتوزيع المتوازن على المستويين المركزي والجهوي.
وفي ما يخص نفقات التسيير، شدد رئيس الحكومة، في المذكرة التوجيهية، على أهمية الحرص على التدبير الأمثل لهذه النفقات من خلال ترشيد استعمال المياه، وتقليص نفقات استهلاك الكهرباء، عبر الحرص على استعمال الطاقات المتجددة، إلى جانب عقلنة النفقات المتعلقة بالاتصالات، وعدم مراكمة المتأخرات وإعطاء الأولوية لتصفيتها، خاصة تلك المتعلقة بالكهرباء.
كما ينبغي، وفق أخنوش، الحرص على التقليص لأقصى حد من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة ونفقات الاستقبال والفندقة، وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات وكذا نفقات الدراسات.
أما على مستوى نفقات الاستثمار، يتعين، حسب رئيس الحكومة، إعطاء الأولوية لبرمجة المشاريع موضوع تعليمات ملكية سامية أو التي تندرج في إطار اتفاقيات موقعة أمام جلالته، أو تلك المبرمة مع المؤسسات الدولية أو الدول المانحة، مع الحرص على تسريع وتيرة المشاريع طور الإنجاز.
كما أكد على ضرورة الحرص على التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار، قبل برمجة أي مشروع جيد، وذلك مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، والتقليص إلى أقصى حد من نفقات اقتناء السيارات وبناء وتهيئة المقرات الإدارية.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد