سياسة
من مرحلة رد الفعل.. إلى منطق المبادرة
11/10/2024 - 20:45
جمال الخنوسيركز الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوم الجمعة، 11 أكتوبر 2024، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة على القضية الوطنية الأولى التي عرفت تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة.
وتمثل التحول الرئيسي في الدبلوماسية المغربية، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الانتقال من مرحلة رد الفعل إلى اتخاذ المبادرة، وهو تحول يعكس رغبة المملكة في تعزيز دورها على الساحة الدولية. يقول صاحب الجلالة: "إننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف". فمن خلال هذا التوجه الجديد، لم يعد المغرب يكتفي بالدفاع عن مواقفه، بل أصبح يتبنى مواقف استباقية تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية واضحة. ما يعكس نظرة المملكة، التي قال عنها صاحب الجلالة في خطاب سابق: إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، مشددا جلالته على أنه أيضا هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات. ولذلك سعت المملكة إلى الترويج لقضايا البلاد العادلة في المحافل الدولية بفعالية أكبر، وبأساليب حديثة تتلاءم مع متغيرات العصر.
ومن أبرز التطورات الدبلوماسية التي شهدها المغرب، التأكيد الفرنسي على مغربية الصحراء، هذا الدعم الذي يعكس عمق العلاقات المغربية-الفرنسية المبنية على التعاون المتبادل والاحترام المشترك. كما يُعتبر هذا التأكيد خطوة مهمة تُترجم في إطار دبلوماسي أشمل يسعى لتعزيز مصالح المغرب على الساحة الدولية، وضمان انخراطه في محاور الشراكة الكبرى على المستوى العالمي. يقول صاحب الجلالة: "إن هذا التطور الإيجابي، ينتصر للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لاسيما أنه صدر عن دولة كبرى، عضو دائم بمجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية".
أضف إلى ذلك اعتراف الدنمارك وفنلندا بمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد وأمثل لهذا النزاع. هذا الدعم يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في إقناع الدول الأوروبية بأهمية وواقعية الحل الذي قدمه المغرب، وهو الحل الذي يوفر للساكنة حقوقها الكاملة في إطار السيادة الوطنية، مما يعزز شرعية الموقف المغربي في المحافل الدولية. يقول صاحب الجلالة: " وبموازاة ذلك، تحظى مبادرة الحكم الذاتي، كأساس وحيد للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، في إطار سيادة المغرب، بدعم واسع من طرف عدد متزايد من الدول من مختلف جهات العالم. ونذكر من بينها إسبانيا الصديقة، التي تعرف خبايا هذا الملف، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، إضافة إلى أغلبية دول الاتحاد الأوروبي".
كما أن هذا النجاح في الحصول على دعم دولي لمقترح الحكم الذاتي لا يقتصر فقط على الكلمات الدبلوماسية، بل يتعداه إلى أفعال ملموسة، مثل إقامة شراكات اقتصادية واستثمارية مع دول تدعم هذا المقترح. وهذا يعكس ما يذهب إليه صاحب الجلالة من كون الشرعية الدولية لا تُبنى فقط على الخطاب السياسي، بل أيضًا على بناء روابط اقتصادية وثقافية مستدامة تعزز هذا الدعم.
لقد عمقت الانتصارات الدبلوماسية، بقيادة صاحب الجلالة، من انتكاسة الكيان الانفصالي الوهمي على الساحة الدولية: 164 من أصل 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة لا تعترف به. في حين أن أكثر من 112 دولة حول العالم تدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. كما افتتحت 28 دولة، بالإضافة إلى منظمة إقليمية (منظمة دول شرق البحر الكاريبي) قنصليات عامة في كل من العيون والداخلة، معربة بذلك عن دعمها للسيادة المغربية.
إن النظرة الملكية تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مع الإبقاء على مبادئ الشفافية والاحترام المتبادل. ومن هذا المنطلق، فإن الدعم الأمريكي والأوروبي الأخير يعد بمثابة دليل واضح على مصداقية المغرب في طرحه السياسي وعلى استعداده للعمل بشكل بنّاء من أجل حل النزاعات الإقليمية بطرق سلمية ومنصفة. يقول صاحب الجلالة: "إن ما حققناه من مكاسب، على درب طي هذا الملف، وما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية اقتصادية واجتماعية، كان بفضل تضامن جميع المغاربة، وتضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية والترابية".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
سياسة
عالم
سياسة