مجتمع
الأسرة والجيران والعمل ومغاربة العالم .. إليكم نتائج بحث للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية
12/02/2025 - 13:08
مراد كراخي
كشف المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية عن نتائج النسخة الثالثة للبحث الوطني حول الرابط الاجتماعي، الذي يقيس الروابط الأسرية، والصداقة، والجوار، والعمل، ومدى الاهتمام بالسياسة.
وأبرز البحث الذي استند على عينة تمثيلية تضم 6000 شخصا تفوق أعمار 18 عاما، أن الاستقرار النسبي للنموذج المجتمعي المغربي يتجلى في تميز الرابط الأسري على بقية الروابط الاجتماعية الأخرى وتأثير التقاليد والتمسك برموز الهوية الوطنية، وضعف اهتمام المواطنين بالسياسة والانتخابات والطابع المادي للمطالب الاجتماعية والتواكلية (providentialisme) كعلاقة بالدولة.
الروابط الاجتماعية وتأثير الجائحة
سجل البحث ،الذي انطلق في الربع الثاني من 2022، وتم إنجاز الدراسة الميدانية ما بين شهري دجنبر 2022 وفبراير 2023، تحسنا متفاوتا في الروابط الاجتماعية موضوع الدراسة بين عامي 2011 و2023؛ حيث يظل الرابط الأسري أقوى رابط اجتماعي إلى حد بعيد، بينما لا يزال الرابط السياسي الأكثر هشاشة ضمن الروابط الاجتماعية كلها.
وأشار إلى أن التغييرات التي أحدثتها العولمة الثقافية والثورة التكنولوجية بعيدة كل البعد عن زعزعة التمثلات الفردية والهوية الوطنية المغربية، ومع ذلك، تجدر الإشارة أن تأثيرها على الرابط الاجتماعي آخذ في البروز بشكل أوضح في صفوف سكان المناطق الحضرية والأجيال الشابة والأفراد ذوي الرأسمال الثقافي أو الاقتصادي العالي.
وسجل التقرير أن جائحة كورونا أثرت، من خلال الأعراض الاجتماعية والعاطفية المصاحبة لها، على المنظومة القيمية للمغاربة وتمثلاتهم الثقافية.
وأورد أن إعادة اكتشاف معنى الأسرة والتضامن الوطني والعيش المشترك والرابط المدني تجاه المؤسسات والسلطات العمومية شكل جزء من الآثار الإيجابية لهذا الوباء.
ومع ذلك، ساهم فرض التباعد الاجتماعي وبروز بعض مظاهر التوتر على مستوى الأسرة النووية (العنف الأسري أو العنف ضد الأطفال، وتنامي حالات الطلاق، والصحة العقلية، وما إلى ذلك في إحداث بعض التراخي للرابط الاجتماعي كما يعتقد أكثر من 70 بالمائة من المغاربة وفقا لبحث عام 2023.
واعتبر التقرير أن تدابير التباعد الاجتماعي أسهمت في تفاقم بعض الظواهر الاجتماعية مثل الطلاق، حيث أشار ما يقرب من 54 بالمائة من المغاربة إلى أن أزمة كوفيد19 هي أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات الطلاق.
الأسرة والجيران والعمل
أبرز التقرير أن الأسرة لم تعد ملاذا للدعم المعنوي للأفراد فحسب، بل أضحت أيضا مجالا للتكافل المادي بين أفراد الأسرة، إذ أفاد 91 بالمائة من المصرحين أن الأسرة تقدم الدعم المعنوي، و85 بالمائة بمواصلة رعاية أطفال الأسرة الآخرين، وصرح 81 بالمائة باستمرار مساعدة أفراد الأسرة الآخرين في العثور على عمل، و69 بالمائة بتقديم المساعدة المالية لإنشاء مقاولة.
وأكد التقرير أنه وعلى الرغم من أن دور الأسرة لايزال هو العامل الأهم في بناء رابط الصداقة، إلا أنه تراجع بشكل ملحوظ من 88 بالمائة عام 2023 إلى 57 بالمائة عامي 2011 و2016.
وفي ما يخص نوعية الجوار، بفضل غالبية المغاربة "مرحبا وليبق كل واحد ف بيته"، حيث سجل التقرير أن التعارف المباشر بين الجيران والتواصل مع بعضهم البعض انخفاضا ملحوظا وهو ما يؤكد النزوع نحو مزيد من التباعد الاجتماعي.
وأورد التقرير أن قوة الرابط الاجتماعي في الوسط المھني لا تزال مرتفعة على الرغم من الانخفاض الطفیف في نسبة المغاربة الذین یعتبرون أن علاقاتھم مع زملائھم في العمل جیدة (76 بالمائة في عام 2023 مقابل 88 بالمائة في عام 2016) مما یشیر إلى وجود مناخ اجتماعي سلمي في القطاعین العام والخاص.
وضعية المرأة ومدونة الأسرة
حول وضعية المرأة بالمجتمع المغربي اعتبر حوالي 90 بالمائة أن أسباب العنف ضد المرأة ذات طابع ثقافي من قبيل البیئة الأسریة والثقافیة والتربیة والمستوى التعلیمي للزوج، أكثر منھا مادي.
وأضح التقرير أن تحقیق المناصفة بین الجنسین في المؤسسات التمثیلیة يتطلب معالجة العوامل الثقافیة المتعلقة بالتقالید والصور النمطیة القائمة على النوع الاجتماعي بالنسبة لـ33 بالمائة من المستجوبين، ويعتقد 25 بالمائة أن الأمر يتعلق بتحسین جاذبیة الأحزاب السیاسیة عند النساء، في ما يرى 20 بالمائة أن تحقيق المناصفة تتطلب تأھیل المؤسسات الحزبیة.
ویرى ما یقرب من ثلاثة أرباع المغاربة أنه ینبغي اعتماد سلسلة من التدابیر الجدیدة لزیادة تحسین وضع المرأة، وعلى وجه الخصوص، یعتقد 70 بالمائة أنه ینبغي مراجعة مدونة الأسرة، حيث اعتبر 21 بالمائة منهم أنه ینبغي مراجعة مدونة الأسرة بما یتماشى مع مبادئ دستورعام 2011 بینما 48 منھم یرون أنه ینبغي إدراج حقوق جدیدة للمرأة.
ومنحت المواقف بشأن الإصلاحات الجدیدة الواجب إجراؤھا لتحسین وضع المرأة في المغرب الأولویة للمساواة بین الزوجین كمنظور للإصلاح، لا سیما فیما یتعلق بـ"تقاسم الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج" بـ32 بالمائة، و"إجراءات الطلاق" بـ20 بالمائة؛ أما الوصایة على الأطفال في حالة الطلاق فقد ذكرھا 13 بالمائة من المغاربة، وذكر 12 بالمائة منھم تحدید مبلغ النفقة في حالة الانفصال الزوجي.
وتم كذلك ذكر المسائل المتعلقة بزواج القاصرات ووضع الأطفال المولودین خارج إطار الزواج من قبل 11 بالمائة و12 بالمائة من المغاربة على التوالي.
مغاربة العالم
بالنسبة لمغاربة العالم، أورد التقرير أن من بین 53 بالمائة من المغاربة الذین لدیھم أفراد من عائلاتھم یعیشون أو یعملون في الخارج، فإن ثلاثة أرباعھم تقریبا على اتصال بأقاربھم المغتربین مرة واحدة على الأقل شھریا، مما یدل على وجود ارتباط عائلي لا یتلاشى رغم بعد المسافة.
وأبرز أن أكثر من ثلاثة أرباع المغاربة تجمعھم علاقات "ممتازة" أو "جیدة" مع أفراد أسرھم الذین یعیشون في الخارج.
ویرتبط المغاربة في جمیع أنحاء العالم ارتباطا قویا ببلدھم، كما یتصوره أفراد الأسرة الذین یعیشون في المغرب، إذ یظھر متوسط الآراء التي تم جمعھا درجة عالیة جدا من الارتباط بین مغاربة العالم وبلدھم الأصلي، حیث تصل إلى 8 نقاط من أصل 10.
ویعني ھذا الأمر ببساطة، وفق المصدر ذاته أن البعد الجغرافي عن المغرب وسنوات الاغتراب لا تؤثر لحسن الحظ على قوة الرابط الذي یجمع ھذه الفئة من السكان المغاربة ببلدھا الأصلي.

مقالات ذات صلة
سياسة
مجتمع
سياسة
فن و ثقافة