مجتمع
تاريخ الجوائح بالمغرب .. انتشار "بوگليب" من طنجة
25/04/2022 - 23:37
يونس أباعليفي غشت 1859، تعرض المغرب لموجة جديدة من وباء الكوليرا، بسبب فحص طبي سريع وعدم تطبيق الحجر الصحي.
تقول المراجع التاريخية أن ما يُعرف حينها بـ"بوگليب"، وصل عن طريق سفينة فرنسية حطت بميناء طنجة، بناء على شهادة صحية، على متنها 750 حاجا مغربيا قدموا من الديار المقدسة.
تمكنت السفينة من إنزال ركابها بدون حجر صحي، وبعد خضوعها لمجرد فحص طبي سريع أجراه الطبيب على متنها. وقد منحها المجلس الصحي هذا الامتياز بعد تقرير من قائدها يقول فيه باسم الطبيب الفرنسي "ألار" إن الحجاج بصحة جيدة.
تم إنزال الركاب بطنجة دون أن يخضعوا للحجر الصحي بجزيرة الصويرة، وقد اتجه عدد من منهم إلى صريح سيدي محمد الحاج، وخيموا في القرية المجاورة "بوغابة"، بينما أقام آخرون في "السوق الكبير".
حينها سجلت وفيات وإصابات، دون أن يدري أحد السبب، وتواصلت الإصابات إلى شهر غشت. ليقرر المجلس الاعتراف رسميا أن "بوكليب" انتشر في طنجة.
كان "المستشفى المغربي" مليئا بالمصابين، متكدسين، لأنه كان يأوي مسافرين سليمين، ورغم ذلك لم تحدث أي عدوى، بحسب ما نقله كتاب "تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18 و19" لصاحبه محمد الأمين بزاز.
يقول الطبيب الفرنسي لويس أراغون: "ظهر هذا الوباء أول مرة بالمغرب سنة 1834 ليتجدد مع تكرار موجاته العالمية التي اكتسحت جهات مختلفة من المعمور خمس مرات خلال القرن التاسع عشر، وخلال فترة الحماية عاد تحت مسميات أخرى قادما من الشرق. عجز مستشفى ابن شيمول عن علاج مرتاديه وبدأ الوباء في ضرب الجهاز الطبي فغادر الناس والجيران المكان خوفا من القوة التدميرية لوباء الكوليرا، لا تقل عما خلفه الطاعون من ضحايا".
غير أن الطبيب الفرنسي سوليي نفى أن تكون السفينة هي سبب انتشار الجائحة، غير أن ما قدمه لم يقتنع به المتتبعون، على اعتبار أن الكوليرا كانت منتشرة في مكة، وارتفعت الوفيات فيها إلى 300 بسبب سفن قدمت من الهند.
كما أن الصحف المحلية في طنجة نقلت شهادات العائدين، إذ أكدوا أن السفينة الموبوءة كانت تلقي بجثث حجاج في مياه البحر وهي في طريقها إلى طنجة، منذ انطلاقها من مصر مرورا بليبيا والجزائر.
بقي عدد الموتى محدودا في شهر شتنبر، وأقصى ما بلغه 14 حالة في اليوم، أما مجموع الضحايا فقد بلغ من 12 غشت إلى انقطاع الوباء 700 ضحية (في نسمة تقدر بـ40 ألفا، منها 7 آلاف مسيحي، و9 آلاف يهودي).
بعد انتشار خبر إصابة طنجة بالعدوى، ساد التخوف سكان مدن الشمال، وطالبت مجموعة من اليهود بعدم إدخال السلع القادمة من طنجة كالصوف والجلود.
وحدث أن أحد التجار اليهود أرسل من طنجة كمية من الصوف وأفرشة إلى تطوان، بيعت بعد وفاة صاحبها الكوليرا. تكفل بنقلها شاب سقط مريضا بعد وصوله وظهرت عليه أعراض "بوگليب" (إسهال، قيء، تشنجات...) قبل أن يتوفى، فكانت بداية تفشي الوباء في تطوان.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع