مجتمع
كل ما يجب معرفته حول الجريمة المعلوماتية
28/01/2021 - 13:28
نضال الراضيتستهدف الجريمة المعلوماتية الاعتداء على المعلومات، البيانات والبرامج. كما يستهدف مرتكبو هذه النوعية من الجرائم أجهزة الحواسيب، الهواتف واللوحات الإلكترونية، قواعد البيانات، شركات الاتصال ونظم التشغيل والبرمجيات. وتمس هذه الجريمة الحياة الخاصة للأفراد وقد تساهم في تعريض سلامتهم للخطر.
انخرط المشرع المغربي إلى جانب الدول التي جرمت المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، حيث أصبح المس بسرية سلامة المعطيات والنظام المعلوماتي وسلامته جرائم يعاقب عليها القانون المغربي.
ولعل أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام المغربي لمدة طويلة ملف "حمزة مون بيبي "، الذي يعد من أشهر قضايا الجرائم المعلوماتية، والتي توبع من خلاله عدة أشخاص بتهم متفرقة، أبرزها المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.
ما الجريمة المعلوماتية؟
يقول محمد الزكاني، محام بهيئة الدار البيضاء، إن الجريمة المعلوماتية هي كل جريمة تتم على أجهزة الكمبيوتر ومحيطها، حيث تتخذ مجموعة من الصور والأنماط كاختراق قواعد البيانات، الاطلاع على معلومات غير مصرح بها، المس بالحياة الخاصة للأفراد وغيرها.
وأوضح المتحدث ذاته، في حديث لـ"SNRTnews"، أن الجريمة المعلوماتية تعد من الجرائم المستحدثة واعتبرها مشكلة اجتماعية، أمنية، وقانونية واجتماعية، لذلك عمدت بعض الدول إلى المبادرة لمواجهة الجرائم المعلوماتية، من خلال إصدار عدة قوانين والمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات، أبرزها اتفاقية "بودابست" لمكافحة الجرائم المعلوماتية سنة 2001، التي انضم إليها المغرب سنة 2018، بهدف حماية نظم المعالجة الآلية للمعطيات وتوفير الأمن الرقمي.
"بالرغم من أن الجريمة المعلوماتية، لا تدخل ضمن نطاق الجرائم التقليدية، إلا أنها تعد من أخطر الجرائم الحديثة، لذلك عمد المشرع المغربي إلى أن يخصص بابا في القانون الجنائي، يتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، وذلك من خلال القانون 07.03 المتعلق بنظم المعالجة الآلية للمعطيات. وقد يواجه مرتكبي هذه الجرائم عقوبات صارمة تظهر من خلال نصوص هذا القانون"، يشرح الزكاني
صور الولوج إلى أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات
من بين الجرائم التي تمس سرية أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، هي الجرائم المتمثلة في الولوج إلى النظام عن طريق الاحتيال الذي يعاقب عليه القانون، وهي جريمة تدخل ضمن القانون رقم 03-07 الخاص بجرائم المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، حيث نصت المادة 3-607 على أنه: "يعاقب بالحبس من شهر على ثلاثة أشهر وبالغرامة من 2000 إلى 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال".
وبخصوص الاحتيال في الولوج إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات، يوضح الزكاني أن "الأمر هنا يتعلق بالجاني، الذي يتم السماح له بالولوج إلى جزء معين من النظام، إلا أنه ينتهز الفرصة ويطلع، أو يدخل إلى جزء آخر منه، في حين أنه لا يسمح له بالدخول إليه. وتتحقق الجريمة هنا، عندما لا يكون الجاني ممن لديهم الحق في الدخول إلى النظام".
كما أشار المتحدث إلى بعض صور الولوج إلى أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، أبرزها اختراق المواقع الإلكترونية بتقنية الـ"Sqlinj"، التي تشتغل عن طريق حقن الموقع بطلبات المخترق من قرصنة الرقم السري لمديري أو مطوري الموقع، وزرع برامج داخله للتحكم فيه كما يريدون.
ومن ضمن هذه الصور، الاطلاع غير المصرح به على المعلومات المخزنة في ذاكرة الحاسوب أو إحدى الوسائل الإلكترونية كالهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية، والقيام بالاطلاع والتصنت على المعلومات، وسرقة القوائم. هذه الجريمة تحدث إذا كان الشخص الذي قام بالاطلاع على المعلومات لا يمتلك الحق في الولوج إليها، أو يمتلك الحق في الولوج ولكن استخدمها في أغراض غير مسموح له القيام بها.
"يعد الولوج إلى شبكة الإنترنت، باستخدام الأمن الإلكتروني، أو ما يعرف بالـ'IP' الخاص بإحدى الدول الأجنبية، من أبرز صور الولوج إلى أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، وأكثر الجرائم شيوعا، في هذا السياق، القيام بالبحث عن استمارات الزبائن المنخرطين لدى البنوك، القيام بإرسالها إليهم لملئها، وبالتالي إعادتها ظنا منهم أن الوكالة البنكية الخاصة بهم هي التي أرسلتها. هنا يقوم الجناة باستغلال المعطيات التي قام الزبائن بتدوينها على الاستمارات، وبالتالي تتحقق لهم إمكانية تحويلها إلى بطاقات ائتمان، كما الاحتفاظ بالرقم السري الخاص بالزبون واستعماله في سحب النقود من الشباك البنكي"، يشرح المحامي.
بهذا الخصوص، جاء في المادة 5-607، من القانون 03-07 المتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، أنه: "يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 10 آلاف إلى 200 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عرقل عمدا سير نظام للمعالجة الآلية للمعطيات أو أحدث فيه خللا، كما يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 10 آلاف إلى 200 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين".
كما يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من 10 آلاف إلى مليون درهم كل من زور أو زيف وثائق المعلومات أيا كان شكلها إذا كان من شأن التزوير أو التزييف إلحاق ضرر بالغير، وتطبق نفس العقوبة، على كل من استعمل وثائق المعلومات المشار إليها في الفقرة السابقة وهو يعلم أنها مزورة أو مزيفة.
ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبالغرامة من 50 ألفا إلى مليوني درهم كل من صنع تجهيزات أو أدوات أو أعد برامج للمعلوميات أو أية معطيات أعدت أو اعتمدت خصيصا لأجل ارتكاب الجرائم المعاقب عليها في هذا الباب أو تملكها أو قام بحيازتها أو تخلى عنها للغير أو عرضها أو وضعها رهن إشارة الغير.
كيف يتم إثبات الجريمة المعلوماتية؟
يقول الزكاني إن عملية الإثبات الجنائي في الجرائم الإلكترونية ترتكز بالأساس على الدليل الرقمي؛ إذ يعتبر الوسيلة الرئيسية لإثبات الجريمة، موضحا أن الدليل الرقمي يتخذ ثلاث أشكال رئيسة وهي التسجيلات الصوتية، الصور والنصوص المكتوبة.
بالإضافة إلى أن الأدلة الرقمية تتكون من معلومات وبيانات ذات طبيعة إلكترونية، تتطلب الأجهزة الإلكترونية، البرامج والأدوات الآلية، بالإضافة إلى استخدام نظم معينة لكشفها.
وحول إمكانية وجود تشابه في التحقيق في الجرائم الإلكترونية وبين التحقيق في باقي الجرائم، بوضح الزكاني أنها تتشابه عموما من ناحية الإجراءات، فكلتاهما يحتاج المعاينة، التفتيش، والشهادة ثم الخبرة بالإضافة إلى جمع الأدلة، إلا أن الجرائم المعلوماتية تتميز عن غيرها كونها حديثة، وذات خصائص مختلفة، الشيء الذي يستدعي تطوير أساليب التحقيق الجنائي.
"التحقيق في الجريمة المعلوماتية يتطلب الرجوع إلى عدد كبير من البيانات، التي يجب الاطلاع عليها مثل ذاكرة الحاسوب والهواتف، تسجيل العمليات الحاسوبية، هذه العملية تكون مائة بالمائة رقمية، وذلك من خلال التعامل مع الحواسيب، وسائط التخزين، ووسائل الاتصال"، يزيد المحامي توضيحا.
هذه النوعية من الجرائم تغير أساليب عمل أجهزة التحقيق والبحث، حيث أن التحقيق هنا يتطلب تقنيات خاصة، الشيء الذي يستدعي فرق مكونة في مجال المعلوميات ومتخصصة في مكافحة ورصد هذا النوع من الجرائم" يشرح الزكاني.
وعن الصعوبات التي قد تشكل حاجزا أمام إثبات هذه الجرائم، يقول الزكاني إن طبيعة الجريمة المعلوماتية تجعل فرص الحصول على دليل إلكتروني ضئيلة وصعبة، بحكم أنها تتطلب الوقت لكشفها، كون المعاينة تتم على بيئة رقمية، وليست ملموسة مقارنة بباقي الجرائم كالقتل أو السرقة.
وعن الجهة التي أسندت إليها مهمة إجراء المعاينة، فهي الشرطة القضائية وذلك طبقا لمقتضيات المادة 57 من قانون المسطرة الجنائية، التي تقول "يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي شعر بحالة تلبس بجنحة أو جناية أن يخبر بها النيابة العامة فوراً وأن ينتقل في الحال إلى مكان ارتكابها لإجراء المعاينات المفيدة.
وعليه أن يحافظ على الأدلة القابلة للاندثار وعلى كل ما يمكن أن يساعد على إظهار الحقيقة وأن يحجز الأسلحة والأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة لارتكابها وكذا جميع ما قد يكون ناتجا عن هذه الجريمة.
تعرض الأشياء المحجوزة على الأشخاص المشتبه في مشاركتهم في الجناية أو الجنحة قصد التعرف عليها".
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد