مجتمع
بين المناعة الذاتية والأدوية.. هل تراجُع الثقة في العلاج الطبي يهدد صحة الإنسان؟
29/01/2025 - 09:12
خولة ازنيزني
بعدما كان المسار المعتاد الذي يسلكه المريض يبدأ بزيارة الطبيب وينتهي بالحصول على الأدوية من الصيدلية، لوحظ في الآونة الأخيرة تجاوز هذا المسار للاعتماد على المناعة الذاتية للتعافي من الأمراض. هذه الظاهرة عكست مخاوف متزايدة من تأثيرات الأدوية الجانبية وانتشار المعلومات المغلوطة، مما يثير تساؤلات حول التداعيات الصحية لهذه التوجهات، خصوصا عند الأطفال.
يرى جعفر هيكل، أخصائي الأمراض المعدية والطب الوقائي، أن تراجع الثقة في الأدوية يرتبط بعدة عوامل متشابكة، منها نقص التواصل الفعال بين الأطباء والمرضى، وانتشار المعلومات المغلوطة على الإنترنت، وضعف التوعية الصحية، بالإضافة إلى تعرض بعض المرضى لتجارب غير مرضية مع أدوية معينة.
وأفاد هيكل، في تصريح لـSNRTnews، أن هذه الظاهرة بدأت مع تفضيل المرضى لأخد الدواء من الصيدلية دون أي استشارة طبية، ما يعرضهم للآثار الجانبية غير المتوقعة، وأحيانا فشل الدواء في تحقيق الشفاء، وهو ما أدى إلى تعزيز فكرة أن الأدوية قد تكون غير فعالة أو حتى مضرة.
وأكد الطبيب أن هذه الظاهرة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة عند التعامل مع الأمراض المعدية التي تتطلب تدخلًا سريعًا وفعالًا.
وبعتبر هيكل أن "الاعتماد على المناعة الذاتية فقط قد يكون خطيرًا، وقد يؤدي إلى تأخير علاج الأمراض"، موضحا أن هناك أمراضا تحتاج إلى تدخل طبي فوري، مثل الالتهاب الرئوي والعدوى البكتيرية الشديدة، و"نحن بحاجة إلى برامج توعوية واسعة النطاق لتعزيز فهم الناس لدور الأدوية في إنقاذ الأرواح".
وزاد أن "تراجع الثقة في الأدوية والاعتماد على المناعة الذاتية فقط يمثل تحديا صحيا كبيرا، خاصة في ظل تزايد الأمراض المعدية والمزمنة وضعف المناعة الراجع إلى سوء التغذية والابتعاد عن نمط الحياة الصحي"، مضيفا أنه لا يمكن إنكار أهمية المناعة الذاتية، لكن التكامل بين المناعة والأدوية يظل الحل الأمثل لضمان صحة أفضل، خصوصًا للأطفال الذين يحتاجون إلى حماية إضافية في مواجهة الأمراض.
من جهته، يفيد عبد الإله المدني، طبيب أطفال، أن الأطفال هم الفئة الأكثر تأثرا بتراجع استخدام الأدوية.
ويوضح المدني، في تصريح لـSNRTnews، قائلا: "إن جهاز المناعة عند الأطفال لا يكون مكتملًا بشكل كافٍ للتعامل مع بعض الأمراض الخطيرة، والامتناع عن استخدام الأدوية قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، فالعدوى البسيطة التي يمكن علاجها بالمضادات الحيوية قد تتطور إلى مضاعفات مهددة للحياة، مثل التهابات الجهاز التنفسي أو الأمراض البكتيرية، خاصة الأمراض التي لا ترافقها أي أعراض كالتهاب السحايا".
ويضيف الطبيب أن على الآباء استشارة أطباء الأطفال دائمًا قبل اتخاذ قرار بعدم استخدام الأدوية، مشددا على أهمية الالتزام بتوصيات الأطباء لضمان صحة الأطفال، مشيرا إلى التطور الكبير الذي يشهده طب الأطفال في المغرب، حيث تراجع معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من 81 وفاة لدى كل ألف مولود حي سنة 1990 إلى 17 وفاة سنة 2022.

مقالات ذات صلة
مجتمع
عالم
اقتصاد
عالم