اقتصاد
خبراء يوضحون كيفية توسيع حضور وسائل النقل الكهربائية بالمغرب
11/02/2025 - 18:27
ياسمين اشريف | أيوب محي الدينمازال عدد السيارات الكهربائية والهجينة المتداولة في المغرب أقل بكثير من إمكاناته، وسيكون توسيع أسطول الحافلات الكهربائية من بين المشاريع التي ستمكن من الوفاء بالتزام المغرب بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في نفس الوقت الذي يرتقب أن تؤدي الحوافز الضريبية وإنشاء محطات الشحن إلى زيادة اعتماد السيارات الكهربائية.
تلك من بين الأفكار البارزة التي تناولتها ندوة حول التنقل المستدام في المغرب في أفق 2030، والتي نظمت ضمن فعاليات "معرض وقمة التأثير الأخضر 2025"، في حديقة أنفا بالدار البيضاء من 11 إلى 13 فبراير 2025، تحت رعاية وزارات الصناعة والتجارة، والتحول في مجال الطاقة والتنمية المستدامة، والنقل والخدمات اللوجستية، والتحول الرقمي والإصلاح الإداري.
وسلط هذا الحدث الضوء على جهود المغرب في الالتزام بالتنمية المستدامة خلال كأس العالم 2030، كحدث عالمي كبير، حيث ستعرض المملكة البنية التحتية الخضراء، وحلول النقل المبتكرة، حيث يلعب القطاع الصناعي، وهو ناقل استراتيجي للتحول الاقتصادي في المغرب، دوراً رئيسياً في تعزيز التنقل المستدام، كمحرك للابتكار التكنولوجي، من خلال تعزيز تطوير حلول النقل منخفضة الكربون، وتحسين كفاءة الطاقة.
رفع حصة الطاقات المتحددة
ومن خلال المبادرات الرائدة، كميثاق IRU العالمي للتنمية المستدامة، الذي تم تنفيذه منذ عام 1996، وميثاق السلامة على الطرق العالمي، الذي تم اعتماده في عام 2004، أكد ممثلو الاتحاد الدولي للنقل الطرقي IRU في افريقيا التزامهم بدعم التحول إلى نماذج التنقل الصديقة للبيئة، مع تعزيز السلامة والابتكار في قطاع النقل.
وتجسد هذا الالتزام في مؤتمر المناخ (COP 21) في عام 2015، حيث دعمت المملكة اتفاق باريس للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع تغير المناخ، كما عززت استضافة مؤتمر المناخ COP22 في مراكش في عام 2016 دور المغرب كلاعب رئيسي في الدبلوماسية المناخية الدولية.
وقد تبلورت هذه الديناميكية مع اعتماد نموذج التنمية الجديد الذي تبناه المغرب سنة 2021، والذي يؤكد من خلاله طموحه في بناء اقتصاد مستدام وشامل ومرن، من خلال وضع البيئة في قلب مستقبله الاجتماعي والاقتصادي.
وبهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى أكثر من 52% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، تناولت الندوة اهمية الإصلاحات الطموحة والمشاريع الرائدة التي قادها المغرب، مثل مجمع الطاقة الشمسية الشمالي في ورزازات، وهو أحد أكبر المجمعات في العالم، فضلاً عن تطوير طاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.
وفي ظل هذه الديناميكية، أبرزت المداخلات التقدم الملحوظ الذي حققته المملكة في النقل البيئي، من خلال تحديث البنية التحتية للسكك الحديدية بخط البراق عالي السرعة، وتطوير وسائل النقل العام الصديقة للبيئة، وتشجيع استخدام المركبات الكهربائية والهجينة، وضمان الإدماج الاجتماعي، وخاصة بالنسبة للفئات الضعيفة، مثل الأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، والذين يعيشون في المناطق الريفية أو المعزولة.
كوبالت وفوسفاط لتصنيع البطاريات
وفي هذا السياق، أعلن وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، خلال الندوة، أن المغرب يعتزم شراء 7 آلاف حافلة، استعدادًا للبطولات الرياضية الكبرى المقبلة، مثل كأس العالم 2026، وأشار إلى أن وزارة الداخلية أطلقت طلب عروض لشراء 1317 حافلة، بما في ذلك 30 حافلة كهربائية، مع خطط لزيادة الحافلات الكهربائية إلى نصف الأسطول.
كما أكد الوزير أن المغرب يتطلع لتصنيع مكونات البطاريات الكهربائية، مع احتياطه من معادن الكوبالت والفوسفاط، ما يعزز مستقبل التنقل الأخضر في البلاد. وأوضح أن هذا سيسهم في زيادة الصادرات وخلق فرص عمل حتى عام 2032. وأضاف أن قطاع النقل يستهلك 36% من الطاقة الوطنية ويشكل 23% من انبعاثات الكربون.
وفي هذا الصدد، أبرز هذا الحدث المكانة التي يحتلها المغرب من حيث إنتاج الهيدروجين الأخضر، متموقعا بين أكبر ستة بلدان واعدة في العالم، مما يسمح بالتخطيط للتحديات طويلة الأمد، فعلى سبيل المثال، لا يمكن إزالة الكربون من الشحن البري إلا باستخدام تقنيات Power to X، حيث تبرز أهمية الهيدروجين الأخضر باعتباره تكنولوجيا واعدة لمعالجة هذه المشكلة، وبشكل عام، فإن ديمقراطية الهيدروجين الأخضر من شأنها أن تسمح للمغرب بضمان سيادته في مجال الطاقة، وتقليل تعرضه للاضطرابات الجيوسياسية وتقلبات الأسعار الدولية.
وتشكل احتياطات المغرب الكبيرة من الكوبالت والفوسفات، علاوة على موقعه الجغرافي الاستثنائي، والبنية التحتية المجهزة للصناعة، أصولاً تتيح للمملكة أن تصبح منتجًا رئيسيًا للبطاريات، بعد نجاحها في جذب استثمارات كبيرة لتطوير تصنيع وإعادة تدوير البطاريات، مما يستوجب مواصلة الجهود في هذا الاتجاه، لاستغلال كل الفرص المتوفرة، من أجل تحقيق تحول جذري في الاقتصاد الداخلي ومسار التنمية على حد سواء، مما سيمكن من تطوير أنظمة كاملة قادرة على خلق فرص العمل، وكذا تعزيز الصادرات بشكل كبير، لتتعزز احتياطيات المغرب من النقد الأجنبي، مما قد يسرع من قابلية تحويل الدرهم.
خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
ونوهت بعض المداخلات بالجهود التي يبذلها المغرب في قطاع النقل، مبرزة أن خطي الترامواي الدار البيضاء والرباط سلا حققا نجاحات كبيرة، وعلاوة على ذلك، فإن استبدال أقل من 30% من المركبات الحكومية بالمركبات الكهربائية بحلول عام 2030، وتوسيع أسطول الحافلات الكهربائية سيكون من بين المشاريع التي ستمكن من الوفاء بالتزام خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، حيث من المتوقع أن تؤدي الحوافز الضريبية وإنشاء محطات الشحن إلى زيادة اعتماد السيارات الكهربائية.
واليوم، وعلى الرغم من معدلات النمو المثيرة للاهتمام، فإن عدد السيارات الكهربائية والهجينة المتداولة في المغرب لا يزال أقل بكثير من إمكاناته، ولكن من أجل تقليل الانبعاثات، يحتاج المغرب أيضًا إلى معالجة مشكلة الازدحام المروري، ولتحقيق هذه الغاية، تتحلى أهمية الرقمنة والتقنيات الجديدة كبدائل متطورة أساسية.
وتطرق المتدخلون كذلك لدور الذكاء الاصطناعي في إدارة المرور، والمتمثل في تقليل الازدحام في المدن الكبرى بنسبة 30%، علاوة على ذلك، فإن رقمنة خدمات النقل ونشر أنظمة الدفع الرقمية، وتطبيقات التنقل، تسهل استخدام وسائل النقل العام، وبالتالي تقلل من عدد المركبات.
تسريع المشاريع في أفق المونديال
هذا وسيتم تعزيز السكك الحديدية، باعتبارها وسيلة نقل منخفضة الكربون، من خلال تمديد خط السكك الحديدية أكادير، وسيتم تعزيزه أيضًا من خلال تطوير الخط الحديدي الأوروبي بين القنيطرة والدار البيضاء الكبرى، وتم تسريع هذه المشاريع الضخمة، التي من شأنها تعزيز اقتصاد هذه المناطق بشكل كبير، استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030.
وخلال الأسابيع السبعة من المنافسة، سيسافر أكثر من عشرة ملايين زائر بين البلدان الثلاثة المرتفعة، مما سيولد تدفقات سفر غير مسبوقة، بالإضافة إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، ولإدارة هذا التدفق، التزم المغرب بتحديث البنية التحتية للنقل بطريقة مستدامة لتلبية مواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم، في انتظار تطوير وسائل النقل، وخاصة سيارات الأجرة، من خلال اعتماد المركبات التي تلبي المعايير لتكون صديقة للبيئة.
ويشكل المغرب نقطة تحول في مجال التنقل المستدام، حيث إن تحديث النقل الحضري والسككي وظهور الهيدروجين الأخضر والبطاريات يضع بلدانا كلاعب رئيسي في مجال النقل النظيف في أفريقيا وحول العالم، كما أن الفرص التي توفرها القدرة على التنقل المستدام تتجاوز قطاع النقل إلى حد كبير، مما يتيح ضمان السيادة في مجال الطاقة، وتعزيز الاقتصاد، وتغيير مسار التنمية.
وعلى هذا الأساس، يقدم التنقل المستدام فرصة كبيرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي يمتلك المغرب أصولاً يمكنه الاستفادة منها، إلا أن إشكالية النقل بين المدن، تتطلب دعم ومساعدة الناقلين، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بما في ذلك تحديث أدوات عملهم في هذا الموضوع، على أمل إطلاق المرحلة الثانية من برنامج SME Logicis في الأمد القريب، والذي من شأنه أن يساعد على ترقية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في قطاع الخدمات اللوجستية.
وسلطت الطبعة الأولى لهذا الحدث الضوء على فرنسا، تقديراً لدورها الرائد في مجال التحول في مجال الطاقة، وفي ضوء هذه العلاقات الاستثنائية والاستراتيجية المتجددة مع المغرب، تتجلى الروابط بين البلدين، من خلال التعاون الديناميكي في قطاعات رئيسية، مثل النقل، واللوجستيك، والبنية التحتية، والطاقة، والبيئة، وكذلك الصناعة والتعليم والتدريب، كما يعمل التعاون الثقافي والعلمي على تعزيز هذه العلاقة من خلال تعزيز تبادل المعرفة والابتكار.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
سياسة
اقتصاد