رياضة
أندية ولدت من رحم المقاومة الوطنية
18/11/2021 - 09:54
صلاح الكومريظهرت أولى الجمعيات الرياضية في المغرب في السنوات الأولى بعد فرض الحماية على المغرب سنة 1912، لكنها كانت فرنسية، يقف خلف تأسيسها المعمر الفرنسي، وكانت تتبارى تحت وصاية سلطات الاحتلال، على غرار "الاتحاد الرياضي المغربي usm"، أول ناد رياضي تأسس سنة 1913، والراسينغ الرياضي "الراك"، الذي تأسس سنة 1917، وسطاد المغربي، الذي تأسس سنة 1919، لكن في أواسط الثلاثينيات، بدأت تحركات رجال مغاربة أحرار، من المناضلين، لتأسيس أندية رياضية ذات مرجعية وطنية، على غرار الوداد الرياضي، الجمعية الرياضية البركانية، النادي القنيطري.
المغرب الأقصى .. الاستثناء
يعتبر فريق المغرب الأقصى، الذي كان منتميا لمدينة طنجة، وكان ينشط في الدوري الإسباني، أول نادي مغربي "مستقل"، وتأسس سنة 1919، من طرف نخبة من المغاربة، أبناء المدينة، كانوا من الداعمين لمقاومة المحتل الإسباني شمال المملكة.
في هذا السياق، يقول منصف اليازغي، دكتور في العلوم السياسة، مختص في الشأن الرياضي: "يمكننا اعتبار فريق المغرب الأقصى، أول فريق مغربي مائة في المائة، ولو أنه كان ينشط في البطولة الاسبانية، لكن كانت له نزعة وطنية، والدليل أنه كان يضم وطنيين يطالبون جهرا باستقلال البلاد من الاستعمار الاسباني والفرنسي خلال مباريات الفريق".
وأشار المتحدث ذاته أن فريق المغرب الأقصى، وفي إطار "المقاومة السلمية" من ضد الاحتلال، رفض الاستمرار في اللعب في الدوري الاسباني سنة 1953، مباشرة بعد نفي الملك الراحل محمد الخامس إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، وعاد إلى الممارسة لمدة مؤقتة، ثم اختفى تماما من الوجود مباشرة بعد استقلال المملكة سنة 1956، ما يؤكد، حسب المتحدث ذاته، أن دوره كان وطنيا، وأسباب وجوده كانت سياسية أكثر منها رياضية.
بزوغ فجر أندية مغربية
أواسط الثلاثينيات، بدأ بزوغ فجر أندية رياضية مغربية متعددة الفروع، ولو أنها تحت وصاية وشروط السلطات الفرنسية، لكنها كانت مغربية الأصل، يقف خلفها نخبة من المثقفين المغاربة، الداعمين للحركة الوطنية، على غرار فريق الوداد الرياضي فرع السباحة، الذي كان يقف خلف تأسيسه سنة 1937، الحاج محمد بنجلون التويمي ومحمد بلحسن العفاني، قبل تأسيس فروع ألعاب القوى، كرة القدم، كرة اليد، الريكبي، الدراجات، وكرة الطاولة في السنوات الموالية 1938، 1939، 1940.
في هذا السياق، يقول منصف اليازغي: "كان وراء تأسيس فريق الوداد الحاج محمد بنجلون بمساهمة جليلة من الدكتور عبد اللطيف بنجلون، الذي سخر كل اجتهاداته القانونية للتحايل على الإقامة العامة وخلق نادي متكامل وبفروع متعددة، والبداية كانت بفريق كرة الماء والسباحة ثم كرة القدم وباقي الفروع".
وأشار اليازغي، في حديثه إلى SNRTnews، إلى أن الوداد الرياضي، كان أول ناد مغربي تحت وصاية السلطات الفرنسية قرر خوض إحدى البطولات في الجزائر بلاعبيه المغاربة فقط، بعدما استبعد لاعبيه الفرنسيين، مضيفا: "كان هذا التحدي كافيا ليؤجج غضب الفرنسيين، فأشهروا سخطهم على الفريق من خلال توقيف لاعبيه لأتفه الأسباب واستفزاز وقمع جماهيره التي كانت تهتف للنادي سواء كان غالبا أو مغلوبا في جميع أنحاء المملكة، لدرجة أنه في بعض المرات، قام المستعمر الفرنسي بتطويق ميادين تباري الفريق بالدبابات، خشية وقوع مظاهرات ضد المستعمر، خاصة خلال مباريات الفريق أمام الاتحاد الرياضي usm".
المقاومة بالكرة والأسلحة
يكشف منصف اليازغي أنه إبان تقديم الحركة الوطنية لوثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، اكتشفت السلطات الفرنسية، تورط فريق الاتحاد الرياضي الرباطي السلاوي، الذي تأسس سنة 1938، في العمل السري مع الحركة الوطنية.
في هذا السياق، يقول اليازغي أن السلطات الفرنسية، وفي إطار محاربتها لرجال المقاومة المغربية، اكتشفت في حوزة فريق الاتحاد الرياضي الرباطي السلاوي، مناشير سياسية وأسلحة وأشياء من هذا القبيل، واكتشفت مشاركة بعض مسؤوليه في المقاومة مع الحركة الوطنية، فقررت، في السنة ذاتها، حل النادي نهائيا واعتقال مسؤوليه.
لم يكن الاتحاد الرياضي الرباطي السلاوي وحده من اكتشفته السلطات الفرنسية مشاركا فعالا في المقاومة إلى جانب الحركة الوطنية، حسب الدكتور منصف اليازغي، بل أيضا فريق نجاح فاس، الذي تم حله سنة 1944، وأيضا فريق الوداد الرياضي، لكن الأخير لم تجد السلطات الفرنسية أي إثبات يدينه، فقررت توقيفه عن الممارسة لسنة كاملة إلى حين نهاية التحريات مع مسؤوليه آنذاك.
ثورة الأندية المغربية
في سنوات الأربعينيات، ولدت مجموعة من الأندية الوطنية متعددة الفروع، كان الهدف من تأسيسها، حسب الباحث منصف اليازغي، تقوية النزعة الوطنية عند الشعب المغربي.
وظهرت في سنوات الأربعينيات أندية الكوكب المراكشي، شباب المحمدية، الفتح الرياضي، الرجاء الرياضي، والاتحاد الرياضي البيضاوي، حسنية أكادير، المغرب الفاسي، مولودية وجدة.
وكان وراء تأسيس هذه الأندية، مجموعة من النشطاء السياسين والمقاومين آنذاك، على غرار الراحل عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان أحد مؤسسي نادي الاتحاد الرياضي البيضاوي "الطاس"، والحاج إدريس بنزاكور، الذي كان وراء تأسيس المغرب الرياضي الفاسي.
دروس في الوطنية
يقول الراحل المهدي المنجرة، الذي كان متخصصا في الدراسات المستقبلية (1933/2014)، إن المواطن المغربي، كيفما كان مستواه، كان له وعي سياسي كبير وكرامة، تجعله يمشي مرفوع الهامة، مبرزا: "هذه الروح الوطنية في المواطن المغربي، كانت موجودة في جميع المجالات، مثلا، في الرياضة، كنا نذهب لمشاهدة مباريات الوداد الرياضي ليس من أجل المتعة فقط، بل كان في الأمر درسا في الوطنية... أتذكر، في هذا السياق، مجموعة من اللاعبين كنت ألعب معهم وأنا صغير، على غرار كبور، إدريس، الشتوكي، عبد السلام، والحارس سي محمد ولد عائشة.
مقالات ذات صلة
سياسة
رياضة
رياضة
رياضة