اقتصاد
مسؤولون وخبراء يبحثون سبل إعادة هيكلة نموذج حكامة المالية العمومية
02/11/2024 - 09:16
حمزة بامو | وكالة المغرب العربي للأنباءينكب مسؤولون وخبراء على بحث سبل وآليات إعادة هيكلة نموذج حكامة المالية العمومية، عبر مكافحة التآكل الضريبي الدولي، والبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات، وإعادة تنظيم المراقبة القضائية للمالية العمومية، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في الحكامة المالية العمومية.
دعت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أمس الجمعة بالرباط، خلال افتتاح الدورة السادسة عشرة للمناظرة الدولية للمالية العمومية، المنظمة من طرف وزارة الاقتصاد والمالية بالشراكة مع جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، إلى إيجاد توازن بين اللامركزية واللاتمركز والتنسيق على المستوى الوطني من أجل ضمان انسجام موارد الميزانية مع الأولويات الوطنية.
نادية فتاح : ضمان انسجام موارد الميزانية مع الأولويات الوطنية
وأكدت فتاح، على "ضرورة تحقيق هذا التوازن لضمان اللجوء إلى موارد الميزانية بشكل منسجم يتماشى مع الأولويات الوطنية"، مشددة على ضرورة التخطيط لهذه العملية ومراقبتها بدقة، مع تفادي إهدار الجهد والموارد.
وفي معرض إبرازها لدور البرلمان في تأطير المالية العمومية، سجلت السيدة فتاح أن قوانين المالية تعرض على البرلمان الذي تحسنت رقابته بشكل كبير منذ اعتماد القانون التنظيمي للمالية في 2015، بفضل إتاحة المعلومات ذات الصلة من حيث الكم والنوع.
وشددت، بهذه المناسبة، على أهمية هذا الحدث الذي يتيح فرصة حقيقية لتبادل الآراء والنقاش والتشاور حول القضايا ذات الراهنية.
وأشارت الوزيرة إلى أن الرهانات الحالية تتطلب تدبيرا استراتيجيا ومتماسكا ومرنا في الوقت ذاته، مما يتيح الجمع بين الرؤية طويلة المدى والقدرة على الاستجابة بسرعة وفعالية للأحداث غير المتوقعة وحالات الطوارئ بجميع أنواعها، سواء الصحية أو المناخية أو الاقتصادية أو غيرها.
بنسودة : حصر الاقتراض في تمويل الاستثمارات
ودعا الخازن العام للمملكة، نور الدين بنسودة ، إلى تحسين مستمر لنموذج الحكامة المالية العمومية لدعم النمو بشكل فعال، وإحداث فرص الشغل، وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وقال بنسودة : "لتحقيق ذلك، يتعين على السياسة العمومية أن تندرج ضمن منطق التناغم، والتنسيق، والتعاون، والتوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة".
وأضاف "يتعين على السلطات العمومية مواصلة السهر على المسار المسطر لاستدامة المالية العمومية، من خلال مواءمة النفقات مع الإيرادات وتحسين فعاليتها، على النحو الذي يحد من اللجوء إلى الاقتراض وحصره في تمويل الاستثمارات".
وأشار إلى أن هذا الأمر يتطلب بالضرورة تخصيصا أفضل للموارد بين مختلف الفاعلين في القطاع العام، مع مراعاة القيود المالية، والاعتبارات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأوراش ذات الأولوية، وكذا تحسين تدبير تحصيل الموارد العمومية، خاصة الإيرادات الضريبية التي "لا تزال إمكاناتها واعدة".
وفي هذا السياق، أكد بنسودة أهمية إيلاء القدر ذاته من الاهتمام للإجراءات الفعلية لتحصيل الإيرادات وتنفيذ النفقات كالذي تحظى به توقعاتهما على مستوى قانون المالية.
الشامي : الاستعمال الشفاف للموارد
أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أن تعزيز حكامة المالية العمومية يخلق آثار إيجابية على عدة مستويات.
وأشار الشامي، في كلمته خلال المناظرة، إلى أن هذه الآثار تشمل زيادة جاذبية المستثمرين الخواص، وتحسين صورة البلد لدى الممولين الدوليين، فضلا عن كفاءة وفعالية النفقات العمومية.
وأوضح أن "المالية العمومية السليمة والمستدامة تعكس إطارا اقتصاديا كليا مستقرا، وتعزز مساهمة سياسة الميزانية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتساهم، بالتالي، في الحفاظ على التماسك الاجتماعي".
ودعا السيد الشامي، في هذا السياق، إلى تحسين تخصيص الموارد للاستثمارات ذات الأولوية، وضمان "استخدام فعال وشفاف ومسؤول للموارد العمومية"، وتحديد الموارد المالية اللازمة بدقة، والاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
كما شدد على أهمية ضمان تناسق ووضوح الاستراتيجيات والسياسات العمومية التي تشارك فيها عدة وزارات، وذلك بغية تحقيق تقارب أفضل لتدخلاتها على مختلف المستويات، مشيرا إلى ضرورة إضفاء الطابع المؤسسي على الوقاية وإدارة المخاطر المالية العمومية.
وأشار السيد الشامي أيضا إلى أن الذكاء الاصطناعي عامل أساسي لتحويل المالية العمومية، خاصة على المستوى الترابي.
وأورد أن التعاون الدولي يحظى بدور رئيسي، لا سيما في تسهيل تبادل الممارسات الفضلى وتبني المقاربات المتكاملة والمنسقة في رفع التحديات العالمية المتعلقة بالحكامة المالية.
وأكد الشامي أن هذا التعاون يمكن أيضا من تحسين الشفافية والمسؤولية، وتعزيز قدرة المؤسسات على إدارة المالية العمومية بشكل ناجع ومنصف.
مشييل بوفيي : إعادة تشكيل المجتمع
من جهته، شدد رئيس جمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية، مدير المجلة الفرنسية للمالية العمومية، ميشيل بوفيي، على أن دراسة دقيقة للأنظمة المالية العمومية على مدى 45 سنة الماضية تظهر تغييرا تدريجيا يفضي إلى "تحول للدولة"، مضيفا أن هذا التطور الذي تشهده الأنظمة المالية العمومية يؤدي أيضا إلى تغيير وإعادة تشكيل المجتمع برمته.
وأضاف أن "بروز هذا النمط الجديد يتأسس بشكل كبير على تحول هذه الأنظمة التي تشكل ركيزة الدولة، وهو تحول ينعكس من خلال تفكيك وإعادة هيكلة نموذج الحكامة المالية العمومية، وهو أمر لا يسهل تحليله دائما".
كريستوف لوكورتيي : وجاهة التعاون بين الإدارات الضريبية
أبرز سفير فرنسا بالمغرب، كريستوف لوكورتيي، وجاهة التعاون بين الإدارات الضريبية، مشيرا إلى أنها تعلب دورا حيويا في خلق إطار جذاب، فضلا عن ضمان الشفافية والنجاعة اللازمتين للفاعلين الاقتصاديين.
وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بخلق فضاء اقتصادي أكثر إدماجا، خاصة في إطار اتفاقيات التبادل الحر، فإن أي مبادرة تروم مواءمة التنظيمات من شأنها الإسهام في توفير فرص أكبر للمقاولات للاستقرار بكل ثقة.
وتابع أن هذا الأمر سيعود بالنفع على المغرب وفرنسا، وعلى نطاق أوسع، على العلاقة الأور-الإفريقية، التي تتجاوز الشراكة لتشكل مجتمعا حقيقيا متجذرا في الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
سياسة
مجتمع