اقتصاد
الفلاحة البيولوجية .. توجه نحو رفع الإنتاج ومضاعفة الصادرات
10/05/2023 - 16:51
وئام فراج | فهد مرونيتطلع المغرب إلى مضاعفة المساحة المخصصة للزراعة البيولوجية بحوالي عشر مرات، بما يساعد على نقل الإنتاج من أكثر من 100 ألف طن إلى 600 ألف طن في أفق 2030. ذلك ما تم الكشف عنه عبر عقد برنامج وقع بين الدولة والمهنيين بمناسبة الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس.
قطع المغرب أشواطا متقدمة في مجال الفلاحة البيولوجية، وذلك بعد سن القانون التنظيمي رقم 12-39 الذي يقنن ميدان الزراعة البيولوجية وتثمينها وتسويقها. وباتت هذه الزراعة تشهد إقبالا ملحوظا من طرف المغاربة الذين يفضلون الخضر والفواكه الخالية من أي مدخلات أو مواد كيماوية اصطناعية، إلا أن العمل على ترسيخ علامة "بيو المغرب" مازال يتطلب مجهودات إضافية خصوصا في ظل ندرة المياه، وفق ما أكده المنتجون.
ويسعى المنتجون البيولوجيون إلى إيصال علامة "بيو المغرب" إلى مختلف أنحاء العالم، من أجل ترسيخ مكانة هذه العلامة على غرار التقدم الذي تحرزه "صنع في المغرب"، في المجال الصناعي والتجاري.
تراجع الصادرات
وفي هذا الإطار، أكدت جميلة الوكيلي رئيسة المنتجين البيولوجيين بجهة الدار البيضاء-سطات، أن المغرب يشهد تقدما ملموسا في مجال الفلاحة البيولوجية وذلك منذ سنتي 2015 و2016، وتعزز هذا التقدم بإصدار القانون رقم 12-39 المؤطر لهذه الزراعة ولعملية تسويقها وتثمينها.
وحسب معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تخضع الفلاحة البيولوجية في المغرب لأحكام القانون رقم 12-39 المتعلق بالإنتاج البيولوجي للمنتوجات الفلاحية والمائية ولنصوصه التطبيقية، والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من شتنبر 2018.
ويعد المغرب ثاني بلد إفريقي يسن قانونا خاصا في مجال الإنتاج البيولوجي، يتماشى مع مقتضيات القوانين والتنظيمات الدولية في هذا المجال.
ولتسويق المنتجات الحاملة لعلامة "بيو المغرب" في السوق الوطنية، تخضع المنتوجات مسبقا، وفق معطيات الوزارة، للمراقبة والحصول على شهادة المطابقة من هيئة المراقبة والمصادقة المعتمدة لهذا الغرض، والتي تشهد بمطابقة هذه المنتوجات للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل.
وأبرزت الوكيلي، في تصريح لـSNRTnews، أن المغرب يسعى لإيصال علامة "بيو المغرب" إلى كافة الدول الأوروبية وجعلها علامة معترف بها، مشيرة إلى أن المنتجين يعملون على تسويق المنتوج المغربي البيولوجي داخل السوق الأوروبية بشكل سلسل.
وفي ما يتعلق بوضعية التصدير، أوضحت رئيسة المنتجين البيولوجيين أن الأرقام الأخيرة تشير إلى تصدير حوالي 16 ألف طن فقط، مبرزة أن نسبة المنتوجات المصدرة تراجعت مقارنة بالسنوات السابقة.
وأكدت، في المقابل، أن العديد من المنتجين فضلوا تسويق منتوجاتهم الطبيعية داخل السوق المحلية نظرا للإقبال المتزايد على كل ما هو طبيعي من طرف المغاربة.
ويشكل الزيتون والحوامض واللوز والنباتات العطرية والطبية والخضروات أبرز الأنواع المزروعة وفق نمط الإنتاج البيولوجي حاليا في المغرب بالإضافة إلى منتوجات القطف التلقائي؛ أهمها الأركان والنباتات العطرية والطبية والخروب والتين الشوكي والكبار.
رفع الإنتاج إلى 600 ألف طن
وبلغت المساحة المزروعة وفق نمط الإنتاج البيولوجي عند متم سنة 2020، 10 آلاف و300 هكتار، كما يقدر الإنتاج الإجمالي للموسم 2020 من المنتوجات البيولوجية بـ130 ألف طن، مقارنة بـ120 ألف طن المسجلة سنة 2019.
وتتوزع 80 في المائة من المساحات المزروعة بين 5 جهات منتجة أساسية: فاس-مكناس، مراكش-آسفي، سوس-ماسة، الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة.
أما على مستوى الصادرات، فقد بلغ حجمها حوالي 14 ألف طن، فيما يقدر الاستثمار الإجمالي بـ1,5 مليار درهم، تساهم فيه الدولة بـ750 مليار درهم، والمهنيون بـ750 مليار درهم.
ويهدف عقد البرنامج 2021-2030 الذي أبرمته الحكومة مع المهنيين، على هامش الدورة الـ15 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، إلى زيادة مساحات الزراعة البيولوجية بالمغرب من 10 آلاف و300 هكتار عام 2020 إلى 100 ألف هكتار بحلول عام 2030.
كما يروم رفع الإنتاج إلى 600 ألف طن، ومضاعفة الصادرات لتصل إلى 114 ألف طن بحلول سنة 2030.
وحول أبرز الدول المستوردة للمنتوجات البيولوجية المغربية، أوضحت رئيسة المنتجين البيولوجيين جميلة الوكيلي أن المملكة تصدر في الوقت الحالي لأوروبا وكندة وأمريكا والإمارات.
وتأتي الحوامض والبواكر وعصير البرتقال المجمد والتوت المجمد وزيت الزيتون وزيت الأركان، في صدارة الأنواع التي يتم تصديرها.
من جهة أخرى، يهدف عقد البرنامج الموقع بين الحكومة والمهنيين إلى تحسين الإنتاجية وتجويد المنتوجات من خلال التعبئة والتغليف والتجهيز وتنويع المنافذ والأسواق وتحديث دوائر التوزيع والتسويق الداخلي وزيادة الصادرات.
ويسعى كذلك إلى توفير مدخلات الإنتاج في السوق المحلي، والتركيز على التعديلات التنظيمية والإجرائية اللازمة لتنمية قطاع الفلاحة البيولوجية أو العضوية.
ويدخل هذا العقد ضمن الجيل الجديد من العقود التي تم التوقيع عليها الخميس 04 ماي بمكناس، باعتبارها الإطار التعاقدي المقبل بين الحكومة والمهنيين، لتطوير سلاسل الإنتاج الفلاحي وتنميتها، تفعيلا للاستراتيجية الفلاحية الجديدة "الجيل الأخضر".
تكلفة إنتاج مرتفعة
ولمعرفة مميزات وبعض إكراهات نمط الإنتاج الفلاحي البيولوجي بالمغرب، زار SNRTnews إحدى الضيعات المختصة في هذا النوع من الزراعة بنواحي مدينة الدار البيضاء، بحيث يسعى مسيرو الضيعة إلى احترام جميع المعايير المنصوص عليها لتوفير خضر وفواكه 100 في المائة طبيعية دون استعمال المدخلات والمواد الكيماوية الاصطناعية.
وفي هذا الإطار، تؤكد منية الدرداك، مسيرة الضيعة، على أن أهم العوامل المساعدة على إنجاح الزراعة البيولوجية تتجلى في توفير تربة خصبة ومياه كافية، مبرزة أن الزراعة البيولوجية تتطلب الكثير من المياه.
وفي ما يتعلق بالتكلفة، أوضحت الدرداك أن الخضر والفواكه التي تتم زراعتها بشكل طبيعي تكون تكلفتها أكبر من الزراعة العادية، نظرا للتلف الذي يصيب العديد من الزراعات بسبب عدم استعمال الأدوية، مشيرة إلى أن هذا الأمر ينعكس على ثمن البيع في السوق.
وشددت الدرداك، التي تشرف على تفاصيل الإنتاج والتسويق منذ سنة 2016، على أهمية دعم هذا النمط من الإنتاج نظرا للخسائر المترتبة عنه، وللحاجة إلى التوجه نحو زراعة بيولوجية خالية من المواد الكيماوية الاصطناعية والمفيدة لصحة الإنسان.
يشار إلى أن الفلاحة البيولوجية ترتكز على الدورة الطبيعية للأجناس الحيوانية والنباتية، واكتست أهمية كبيرة ضمن مخطط المغرب الأخضر، ومازال المغرب يسعى لتثمينها في استراتيجية الجيل الأخضر (2020-2030).
ويرتكز نمط الإنتاج الفلاحي البيولوجي على عدم استعمال المدخلات والمواد الكيماوية الاصطناعية في كل المراحل، انطلاقا من الإنتاج إلى التسويق، مرورا بعمليات التحويل والنقل. ويندرج تطوير سلسلة الإنتاج البيولوجي في المغرب في إطار الاستراتيجية الوطنية لتثمين وتحسين جودة المنتجات الفلاحية ذات المميزات الخاصة، وعلى رأسها المنتجات المحلية والمنتجات البيولوجية.
وحسب معطيات وزارة الفلاحة، تم، في سياق نمو حجم إنتاج الفلاحة البيولوجية، إحداث ما لا يقل عن 1,4 مليون يوم عمل خلال سنة 2019. وعلى صعيد التراب الوطني، ظهرت محلات تجارية متخصصة في المنتوجات الفلاحية البيولوجية في مناطق مختلفة من البلاد مسايرة للارتفاع الذي عرفه الطلب على المنتوج البيولوجي.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد